أجزاء من مصحف موقوف على خزانة السّلطان المريني النّاصر يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني قبل سنةٍ من قتله غدْرًا!
====================في الصورة المرفقة قيد فراغ نسخ مصحف ملكيّ كتب بالخط المغربيّ الواضح واستُعمل في نسخه وزخرفته عدّة ألوان، وذُهِّب في الكثير من المواضع، والمصحف محفوظ بمكتبة الدولة بمدينة ميونخ الألمانية تحت رقم: cod.arab.3 وجاء في قيد الفراغ ما يلي:
"كمل المصحف المبارك بمن الله تعالى وعونه والصلاة على محمّد نبيّه ورسوله وعلى آله وصحبه وذلك في العشر الآخر من شهر رجب الفرد عام خمسة وسبع مئة برسم خزانة مولانا أمير المسلمين أبي يعقوب يوسف بن أمير المسلمين أبي يوسف بن عبد الحق خلّد الله بالعزّ أيامه ونصر بالفتح أعلامه"
وكان هذا قبل سنة واحدة من قتله وطعنه ببطنه من بعض غلمانه الخصيان كما جاء في المصادر التي نقل منها الزركلي في الترجمة الآتية، والملاحظ اهتمام الملوك والسلاطين بنسخ المصاحف والكتب على ما كانوا فيه من جهاد وحروب لا تكاد تنتهي، وقد قال بعض الملوك ما معناه حسبت الأيام التي صفت لي منذ أن توليت الحكم فوجدتها: ثلاثة أيّام!، والملاحظ كذلك أن المدة التي كتب بها هذا المصحف الشّريف كانت تختلجها وقائع وحروب كما يظهر من قول الناسخ: "ونصر بالفتح أعلامه"، وعلى كل نسأل الله تعالى أن يرحم هذا الملك، وأن يغفر له، وأن يعين حكام المسلمين على خدمة الإسلام والاعتزاز به، وفي ما يلي ترجمة الزركلي لهذا السلطان من كتابه الأعلام (8/258):
"النَّاصِر المَرِيني
(638 - 706 هـ = 1240 - 1307 م)
يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني، السلطان الناصر لدين الله، أبو يعقوب: من ملوك الدولة المرينية في المغرب الأقصى. بويع له بعد وفاة أبيه (سنة 685 هـ بعهد منه، وكان في الجزيرة الخضراء، فرحل إلى فاس. وبعث إلى " ابن الأحمر " فاجتمع به في ظاهر " مربالة " ونزل له عن جميع ثغور الأندلس التي كانت في حوزة أبيه، محتفظا بالجزيرة ورندة وطريف، وافترقا على صفاء. وعاد إلى فاس، ففتك بعرب " معقل " لإفسادهم السابلة. ثم اجتاز البحر إلى الأندلس لصدّ عدوان الطاغية " شانجه " فكانت بينهما وقائع، له وعليه. وخسر معركة " بحر الزقاق " وربح معارك " حصن بجير " و " شريش " و " إشبيلية " وأدركه الشتاء، فعاد إلى المغرب (سنة 691) فعلم بأن " الطاغية " استمال إليه ابن الأحمر، وأن هذا جرأ الطاغية وأعانه على احتلال " طريف ". وثار عمر بن يحيى الوطاسي في حصن " تازوطا " فزحف الناصر إلى " تازوطا " فاحتل الحصن بعد حصار طويل. ووفدت عليه رسل من قبل ابن الأحمر بتجديد عهده والاعتذار عن حادث " طريف " فأكرمهم الناصر وقبل العذر. وعاد إلى فاس، فجاءه ابن الأحمر فقابله بطنجة، ونزل له الناصر عن الجزيرة ورندة وعشرين حصنا من ثغور الاندلس، وتعاهدا على الود والتعاون. وتوفي ابن الأَحْمَر (محمد بن يوسف) وخلفه ابنه (محمد بن محمد) فأحكم العهد مع " هرندة بن شانجه " من بني " الأذفونش " ملوك قشتالة. وانتقض على السلطان يوسف. وبينما السلطان مستلق على فراشه في قصره بالمنصورة، وهي مدينة من عمرانه، بإزاء تلمسان، وثب عليه خصيّ من مماليكه، فطعنه طعنات قطع بها أمعاءه، فلم يعش غير ساعات.
وحمل إلى رباط شالة فدفن به. قال السلاوي: " كان مهيبا جوادا مشفقا على الرعية متفقدا لأحوالها شجاعا شهما، وهو أول من هذب ملك بني مرين، وأكسبه رونق الحضارة وبهاء الملك، وكان غليظ الحجاب لا يكاد يوصل إليه إلا بعد الجهد " (1) .
__________
(1) الاستقصا 2: 32 - 43 وجذوة الاقتباس 344 والحلل الموشية 133 وفيه: " مات محاصرا لتلمسان ونقل إلى سلا وروضة النسرين 16 والأنيس المطرب القرطاس 275."
#من_كنوز_التراث
#فهرسة_المخطوطات