السبت، 16 ديسمبر 2017

نُبذة مختصرة عن «كتاب السُّنن الكبرى» لأبي عبد الرحمن النَّسائي (ت303هـ)، ورواياته، وبيان بالكتب المفقودة منه

نُبذة مختصرة عن «كتاب السُّنن الكبرى» لأبي عبد الرحمن النَّسائي (ت303هـ)، ورواياته، وبيان بالكتب المفقودة منه

فإن النَّسائي هو أحدُ أئمةِ الدُّنيا في الحديث، والمرجوعُ إليه في علم الصحيح والسقيم، وله شَرْطٌ في الصحيح رضيه الحفاظ، وأهل المعرفة(1).

وكتاب النسائيِّ أبدعُ الكتب المصنفة في السنن تصنيفًا، وأحسنها ترصيفًا، وهو جامعٌ بين طريقتي البخاريِّ، ومسلمٍ، مع حَظٍّ كبيرٍ من بيان العلل(2).

وبالجملة فهو كما قال الحافظ ابن حجر: «أقلُّ الكتب بعد «الصحيحين» حديثًا ضعيفًا، ورجلًا مجروحًا، ويُقاربُه كتابُ أبي داود، وكتاب الترمذي»(3). 

وقال الحاكم أبو عبد الله: «فأما كلام أبي عبد الرحمن على فِقه الحديث فأكثرُ من أن يُذكر في هذا الموضع، ومَنْ نَظَرَ في «كِتاب السنن» له تحير في حسن كلامه»(4).

وإذا عُرف هذا فقد روى «السنن» عن مصنفه جماعة:
كأبي بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن المُهَنْدس المصري، وأبي علي الحسن بن رَشيق العسكري، وأبي علي الحَسن بن أبي هِلال، وأبي القاسم حمزة بن محمد الكناني.
وابن النسائي أبي موسى عبد الكريم، وعليٍّ ابن الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي.
وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حَيُّويه، وأبي بكر محمد بن معاوية الأحمر.
وأبي الفضل مسعود بن علي بن الفضل البَجّاني، وأبي الحسن محمد بن عثمان بن أبي التمام، وغيرهم، وفي رواية كُلٍّ منهم ما ليس عند الآخر.

وقد قال أبو جعفر بن الزبير الحافظ: «أنَّ روايات النَّسائي تختلفُ اختلافًا كثيرًا، حتى قال شيخُنا أبو الحسن الغافقي: لولا أنَّ الإجازةَ تشتملُ على جميعها لعسُرَ اتصالُ السماع والقراءة. ومَنْ قال: قرأتُ أو سمعتُ كتاب النسائي ولم يُبين الروايةَ التي سمِع أو قَرأ فيها فقد تَجَوَّزَ في الّذي ذكره تجوزًا قادحًا في الرواية»(5).

الكتب المفقودة مما وصلنا من مخطوطات «السنن الكبرى»
قال الحجري: «وانفَردَ عبد الكريم عن أبيه بكتاب الطب، وكتاب الرقائق، وكتاب الملائكة»(6).

قلتُ: وكتاب الطب وصلنا من طريق عبد الكريم عن أبيه في نسخة مراد ملا. وكتاب الرقائق، وكتاب الملائكة في عِداد المفقود من كتب «السنن الكبرى».

وذكر الغساني: أن سماع ابن قاسم، وابن الأحمر واحد. غير أن في نسخة ابن قاسم كتاب الاستعاذة ولم يُرو عن ابن الأحمر. وأنه في رواية حمزة ومسعود البَجَّاني(7).

قلتُ: والنُّسخ التي وصلتنا من رواية حمزة ليس فيها كتاب الاستعاذة، وهُو في عِداد المفقود من كتب «السنن الكبرى».

وانفرد ابن حَيُّويه بكتاب الصُلْح، وهو أيضًا كتاب الشروط(8).
قلتُ: وهذا الكتاب في عداد المفقود من كتب «السنن الكبرى»، وقد أكثر المزي من العزو إليه في كتاب «تحفة الأشراف». 
وأما ما جاء في مقدمة طبعة التأصيل (1/ 136): «والظاهر أنه -يعني كتاب الشروط- من رواية ابن الأحمر...». فغير جيد.

وقد قِيل أنَّ رواية محمد بن قاسم، وابن الأحمر سواء لأن سماعَهُما كانَ في وقت واحد، غير أن نُسخة محمد بن قاسم دخلت الأندلس قبل نسخة ابن الأحمر بمُدة، وكذلك تُوفي محمد بن قاسم قبل ابن الأحمر بسِنِين عدّة فلذلك كَثُر الأحذُ لرِواية ابن الأحمر.

وقِيل إنَّ نُسخة محمد بن قاسم أتمُّ صحة، وأقوم ضَبْطًا، ورواية حمزة أكمل الروايات وأتمها، وأحسَنُها انتظامًا وسَرْدًا وفِيها أسماءٌ زائدةٌ على ما في رِواية ابن الأحمر وابن قاسم(9).

وقد أشار الحافظ ابنُ الزبير إلى أنَّ أصلَ السماع العتيق الذي كان بالأندلس من رواية ابن الأحمر وقَعَ فيه لحنٌ كثيرٌ، تركه على حاله من قُرأ عليه من أكابر العلماء، ومن قَرَأ فيه من أكابر العلماء والنقادين المعتمدين، وعلَّموا عليه مما يُشعر أنها الرواية، وأن الصَّواب خِلافه(10).

وقال السخاويُّ: «وجمعتُ في كراسة الأبوابَ التي اشتمل عليها كثيرٌ من روايات هذا الكتاب، ليعلمَ ما عندَ كُلٍّ منهم من الزيادة على الآخر»(11).
هذا والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «إكمال تهذيب الكمال» (1/ 57) نقلا عن ابن السمعاني في «الأمالي». 
(2) «القول المعتبر» للسخاوي (ص55) نقلا عن ابن رُشيد.
(3) «النكت على كتاب ابن الصلاح» (1/ 484). 
(4) «معرفة علوم الحديث» (ص282).
(5) «القول المعتبر» للسخاوي (ص63).
(6) «برنامج الحجري» (ق11 ب).
(7) المصدر السابق (ق10 ب).
(8) المصدر السابق (ق11 ب).
(9) المصدر السابق (ق10 أ)
(10) «القول المعتبر» للسخاوي (ص61).
(11) المصدر السابق (ص69).


أ.أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية