🌴 كتبٌ أُلِّفت في المسجد الأقصى المُبارك (١)
لا عجبَ أن يزهو المسجد الأقصى المُبارك مِن قديم بحلقات العِلم، ويحفل بالعُلماء، إذ هو ثالثُ المساجد التي تُعملُ إليها المطيّ، وتُضاعفُ فيها الحسنات لكُلِّ برٍّ تقيّ!
ولقد أتتْ عليه أزمانٌ كانَ فيها حاضرةً مِن أعظمِ حواضِرِ العِلمِ؛ حتَّى غَدَا –لكبير قدْرِه، وعظيمِ شأنِه- مَحَطَّ رحلِ العُلماء، وموئل الطُّلاب الأجلاء.
وتنوَّعَ العطاءُ المعرفيُّ فيه، وتعددت صورُه؛ فكانت تُقامُ فيه المجالسُ والدُّروس، مبتهجةً لها النُّفوس، وتزخر مكتباتُه بنفائس المخطوطات، وبدائِعِ الأعْلاقِ الكريمات، ومِن أجلِّ ذلك، ما حفظه لنا تراثنا الإسلامي العريق، مِن كُتبٍ أُلِّفت في رحابِ هذ المسجد المُبارك. وفي محاولةٍ سريعة لتعداد هذه المُصنَّفات التي حازت شرفَ المكانة (العلم)، والمكان (المسجد الأقصى) تصدَّر هذه المُؤلفات الجليلة، تفسيرٌ حافلٌ، زبَره مؤلفُه في المسجد الأقصى المُبارك، ومؤلفُه عَلَمٌ مِن أعلامِ بيت المقدس، وقامةٌ علميَّةٌ مِن أجلِّ قاماتها= الإمام القاضي مُجير الدِّين بن محمد العُلَيمي المقدسي الحنبلي (ت927هـ) من أئمة الحنابلة في القرن العاشر الهجري، وكتابه هو التفسير الموسوم بـ: «فتح الرَّحمن في تفسير القرآن»
ويعدُّ هذا الكتاب من تفاسيرِ الحنابلة القليلة التي وصلت إلينا!
وعلى كثرة مَيّزات هذا الطَّامور المنيف إلا أنَّ أربعَ ميِّزاتٍ رئيسة تميَّز بها هذا التفسير الفلسطينيُّ المقدسي، فقد اعتنى فيه مؤلِّفه العلامةُ مُجير الدِّين رحمه الله بذِكْر القراءات، واختلاف القراء فيها وتوجيهها، وذِكر معانيها، وذِكر عقائد أهل السنَّة والجماعة على وجه مختصر مفيد، وسَرْد فقه الأئمة الأربعة وفق منهج قويمٍ، بعيدا عن التعصب والتقليد، واعتمد على الصحيح الراجح من أقوال المفسرين.
وفي بيان مكانته يقول الإمامُ كمالُ الدِّين الغزيُّ: «وقفتُ لهُ على تفسيرٍ جليلٍ على القرآن العظيم، يُشبه تفسير القاضي البيضاوي».
وقد انبرى الشيخ الفاضل الحبيب نور الدِّين طالب لتحقيق هذا الكتاب، فخرج مُؤنقًا في سبعِ مُجلَّدات.
🖊 محمود حمدان