الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لمجموعة المخطوطات الإسلامية رابط متجدد

الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) [رابط متجدد]

الأعداد الكاملة لـلنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) @almaktutat رابط متجدد https://mega.nz/#F!JugA2KDT!4nTvCdymnFy...

الجمعة، 31 أغسطس 2018

جديد أعضاء المجموعة: [ذو الحجة 1439]

جديد أعضاء المجموعة: [ذو الحجة 1439]


🌴شذرات مهمة من حال الأئمة في العلم والعمل، وتنبيهات متممة على معاني أقوالهم في ذلك

🌴شذرات مهمة من حال الأئمة في العلم والعمل، وتنبيهات متممة على معاني أقوالهم في ذلك

 قال الإمام الجعبري:

(ما وردَ عن الأئمة من التسليك: 
رُوي عن أبي حنيفة أنه كان لا يُباحِث. 
معناه: لا يُبَاحِثُ بحْثَ مغالبةٍ ومغالطةٍ، ولا مع مَنْ يبحثُ كذلك، بل يبحثُ لإظهار حقٍّ مع مريدهِ، ائتماراً لقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا وتعاونوا على الإثم والعدوان) . 
فحظُّ العالم مِنْ هذا كفُّ النفس عن هواها، وردُّها إلى منتهاها، لتستحق نداء (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية).
وعن مالك: أنه كان لا يشغل إلا مَنْ صحَّ ذهنه، وطهرتْ نفسُه، ووهبَ للعلم عمره. 
معناه: أنه كان لا يشغل الاشتغال الكلي إلا لمتصفٍ بها يعي فيؤدي، وتقدمه نية صالحة فيزكو، ويتمكن من النظر فيرتقي، امتثالاً لقوله [بياض في الأصل]: "لا تؤتوا الحكمة لغير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم". 
فحظُّ العالم مِنْ هذا تفقُّد حالِ الطلبة، والإقبال على مَنْ تحلى بتلك الصفات، وإيصاله إلى مطلوبه بأسهل الطرق، ليُؤتي كل ذي حقٍّ حقه، ليكون من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. 
*
وعن الشافعي: ما باحثتُ أحداً إلا وددتُ أن يظهر الحقُّ على لسانه. 
معناه: أنه تمنى حصولَ الوفاق مع خصمه، مع قطع النظر عن أحد الطرفين، لأنهما إذا لم يتفقا لم يعتقد صحة ظنه فلا يسميه حقاً، والتقديرُ أنهما عاجزان عن اليقين، فإذا اتفقا اجتمعَ ظنّاهما، وهو أقوى من واحد، فيكون أقرب إلى اليقينِ المغلِّبِ إصابة الحق نفسه، وحينئذ يكون ما جرى في جنانه ونطق به لسانه هو الذي ظهر على لسانه فيندرجان في قوله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). 
وليس معناه أنه تمنّى أن يكون الحقُّ مع خصمه -كما قيل- تنازلاً؛ لأنَّ المجتهدَ لا يحلُّ له أنْ يتمنى أن يكون على الباطل. 
فحظُّ العالم مِنْ هذا أنْ يقصدَ إظهارَ حكم الله تعالى لا مِنْ حيث ظهوره مِنْ نظره، وإنْ تشوَّفت النفسُ إلى مثله، ليشمله قولُه تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى).
وعن أحمد أنه رحلَ يطلب سنداً عالياً، فقيل له: يا أحمد: لله؟ فقال: "لله" عزيزٌ، لكنْ هوى صادفَ حقاً، معناه: قليلٌ، إشارة إلى قوله تعالى: (وقليل ما هم) ، ولقد كان من القليل، لكن تأدّبَ بقوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم)  وميلُ النفس عامٌّ، فالموفَّقُ مَنْ صادفتْ إرادتُه حقاً. 
فحظُّ العالم مِنْ هذا التحرُّز عن رؤية النفس، ومجانبةُ الدعوى الصادقة، لتزكو نفسُه، وينشرح صدرُهُ، فينتظم في قوله تعالى: (قد أفلح من تزكى) . 
رضوان الله عليهم أجمعين). 
         استخرجها وأخرجها
        عبدالحكيم الأنيس
        دبي: ٢٠ من ذي الحجة ١٤٣٩
______

 إبراهيم الجعبري 640 - 732 هـ / 1242 - 1332م، هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري، أبو إسحاق. عالم بالقراءات، من فقهاء الشافعية، له نظم ونثر، ولد بقلعة جعبر (على الفرات في سورية، بين بالس والرقة) وتعلم بدمشق وبغداد، واستقر ببلد الخليل (في فلسطين) إلى أن مات. يقال له: شيخ الخليل، وقد يعرف بابن السراج، وكنيته في بغداد (تقي الدين) وفي غيرها (برهان الدين) له نحو مئة كتاب أكثرها مختصر. له: 
(خلاصة الأبحاث) شرح منظومة له في القراءات.
و(شرح الشاطبية) المسمى (كنز المعاني شرح حرز الأماني ) في التجويد.
و(نزهة البررة في القراءات العشرة).
و(موعد الكرام ) مولد.
وموجز في (علوم الحديث).
و(حديقة الزهر) في عدد آي السور. 
و(جميلة أرباب المقاصد) في رسم المصحف.

🌴 اكتشاف مخطوط كان في خزانة القفطي بحلب، عن فصل الخريف

🌴 اكتشاف مخطوط كان في خزانة القفطي بحلب، عن فصل الخريف

كنتُ نشرتُ عام ١٤٣٧- ٢٠١٦م مقالاً عن محتويات خزانة القاضي الوزير الشيباني القفطي (المتوفى سنة٦٤٦) بحلب، بعنوان: (إعادة تشكيل المكتبات الخاصة: مكتبة القفطي في حلب أنموذجاً). 
واكتشفتُ بعدُ كتاباً جديداً كان في خزانتهِ، وهو: (التنبيه والتعريف في صفة الخريف) للأمير العالم الصالح المُعمّر أبي محمد الحسن بن عيسى بن جعفر المقتدر بالله العباسي البغدادي، المعروف بحفيد المقتدر (ت:٤٤٠). 
وهذه النسخة ذاتُها اليومَ في خزانة مسجد الفاتح في إسطنبول في مجموعٍ برقم (٥٣٠٣)، تبلغُ أوراقُه (١٢٢) ورقة، لهذا الكتاب منها (٦١) ورقة، ولملحقٍ بعدَه يشتملُ على مختاراتٍ شعريةٍ لسبعة شعراء (٦١) ورقة أخرى.
*
وقد جاء في آخر الكتاب: 
"كتبه حسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي بمدينة حلب في شهر رجب سنة ثلاث وستمئة لخزانة القاضي الأكرم العالم الصدر الكبير جمال الدين علي بن يوسف الشيباني أدام الله علاه".
والقيلوي عراقي، كان يخطُّ الكتبَ ويتجرُ بها حتى بلغتْ ألفي مجلدة، وكان في خدمة الملك الظاهر ملك حلب (ابن صلاح الدين الأيوبي)، وله مع القفطي أخبار.
وترجمتُه في "الوافي بالوفيات" (١٣٧/١٢) وغيره. 
توفي سنة (٦٣٣).
*
ووجودُ هذا المخطوط من خزانة القفطي في إسطنبول قد يفتحُ الباب للعثور على مخطوطاتٍ أخرى كانت لديه هناك.

وقد حَقق الكتاب عن هذه النسخة الأستاذان الفاضلان: غازي مختار طليمات ومحمد محيي الدين مينو (الحِمْصِيان).
وصدرتْ طبعتُه الأولى عن دار قنديل بدبي سنة (١٤٣٨-٢٠١٧).
وهو ثاني كتابٍ يُطبع مِنْ الكتب المؤلفة في فصل الخريف.
*
وللخطيب البغدادي (ت:٤٦٣) عصري الأمير حفيد المقتدر: "التنبيه والتوقيف على فضائل الخريف".
كانت منه نسخة في حلب في القرن السابع، كما في "المنتخب مما في خزائن الكتب بحلب" ص ١٤، وأتخيلُ أنها كانت عند القفطي، بدلالة اهتمامه بكتاب الأمير في هذا الموضوع.
واليوم لا نعرف له نسخة.
*
تتمة:
لم تصل إلينا أخبارٌ كثيرةٌ عن الأمير مؤلف كتاب "التنبيه والتعريف"، وقد وقفتُ له على خبرٍ جميلٍ في غير مظانه، حكاه الإمام أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي في كتابه "الفنون"، ولعلي أعرض له في مناسبة أخرى.
*
وأختم بقولي: واشوقاه إلى "الخريف"...
*
           عبدالحكيم الأنيس
    دبي: الاثنين: ١٦ من ذي الحجة ١٤٣٩.


الخميس، 30 أغسطس 2018

منهج رائع فيه عقلٌ ورزانةٌ وسماحةٌ يقدمه الإمام الجَعبري في كتابٍ له مخطوطٍ ألّفه في مدينة "الخليل" في فلسطين سنة ٧٠٢

🌴 منهج رائع فيه عقلٌ ورزانةٌ وسماحةٌ يقدمه الإمام الجَعبري في كتابٍ له مخطوطٍ ألّفه في مدينة "الخليل" في فلسطين سنة ٧٠٢

( عليكَ -أيها السالكُ طريقَ الحقِّ- بتزكيةِ النفسِ، وسلامةِ القلب؛ لتنتظمَ في مسلك السّائرين.
*
واحملْ كلامَ أخيك على أحسنِ المحامل؛ لتندرجَ في المبشَّرين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وتشملك بركةُ قوله -عليه السلام-: "المؤمنُ يطلبُ المعاذير، والمنافقُ يطلبُ العثرات". 
*
وتأدَّبْ بقول عيسى -عليه السلام- وقد مرَّ به خنزير: مُرَّ بسلام، فرُوجع فقال: لا أعوِّد لساني إلا الخير، وقال أصحابُه لكلبٍ ميت: ما أنتنَ هذه الجيفة! فقال: ما أحسنَ بياض أسنانه! فأظهرَ المليحَ وسترَ القبيحَ، فالنفسُ الطيبةُ تظهرُ الطيب، والخبيثةُ تعلنُ الخبيث إذ رشحُ كلِّ إناء مما فيه. 
وإليه الإشارة بقوله تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) أي حسن، (والذي خبث لا يخرج إلا نكداً) . 
*
فإذا وجدتَ لعالمٍ كلاماً يَريبك فاتهمْ نفسَك أولاً، ثم أمعنِ النظرَ فيه مُستعيناً بالله لعله يُرشدك إلى صوابه، وتنتفع به، وتسلم فيه. 
*
وإذا أُرتجَ عليك قولُ مجتهد: فإنْ كنتَ في حضيضِ التقليدِ فوظيفتُك التسليمُ. 
وإنْ وفَّقك اللهُ لرتبتهِ -ولو في مسألةٍ- فعليك العمل بظنِّك، وانسبْ إلى نفسِك ما توهمتَه منه؛ لأنك هو في الحقيقة. 
وإيّاك أنْ يغلبَ عليك العِرقُ الشيطانيُّ فتقول: أنا خير منه متكبّراً فتخرجَ مذموماً مدحوراً، أو السبُعيُّ فتمزِّقَ الأعراضَ، فتصيرَ هدفاً من الأغراض. 
*
واحذرْ يا مقلِّد إذا اعتقدتَ مذهباً أنْ تفضِّله على غيره، فتُخطئ سواءَ السبيل، إذ كلٌّ على حقٍّ، وما يُدريك مَنْ صاحبُ الحق، والحذار الحذار أنْ تطعنَ فيه، فيلحقك وبالُ قوله -عليه السلام-: "لعنَ اللهُ مَنْ سبَّ والديه" إذ فسَّره بالذي يسُّب والِدَيْ غيره. 
وإليه الإشارة بقوله تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم). 
*
وتحفَّظْ يا مناظِرُ عند المباحثة مِنْ علوِّ نفسِك، تشوّفاً إلى غلبةِ نظيرِك، فإنه وبالٌ.
*
واحترزْ مِنْ عُجبك بلسانك، فإنه أسرُك، ومِنْ براعة فصاحتك، فإنها محنتُك. 
واغضضْ مِنْ صوتك تأدُّباً. 
واقصدْ بذلك محضَ الحق وتحقيقَهُ.
وانقدْ له مِنْ حيثُ ظهرَ تَفُزْ بإحدى الحُسنيين. 
*
واعلمْ أنَّ المسائل التي يُخاضُ فيها: 
كإباحةِ الرِّبا مع الحربي. 
وتحليلِ الكلب. 
وإجازةِ نكاح الزاني المخلوقة مِنْ مائه. 
وجوازِ نكاح المتعة. 
إنما هو في بادي الرأي، فإذا نظرتَ في الدليلِ علمتَ أنك العليلُ. 
وميزانُ اعتدالِك أنْ يتساوى عندَك أشخاصُ أصنافِ نوعك ممَّن ساواك أو ناوأك تساوياً كلياً فيما يدخلُ تحت التكليف، مِنْ حيثُ هُمْ كذلك، لتنسلخَ عن دنيِّ طبعك، وتتجرَّدَ لتدبيرِ صُنعك، وتنظرَ في معرفة ربِّك).

      نقله مُذكِّراً به نفسَه وإخوانَه: 
      عبدالحكيم الأنيس
      دبي: ١٩ من ذي الحجة ١٤٣٩
      مجموعة المخطوطات الإسلامية

جديد إصدارات أعضاء المجموعة [ذو الحجة 1439]

جديد إصدارات أعضاء المجموعة 
[ذو الحجة 1439]




مجموعة المخطوطات الإسلامية

الأربعاء، 29 أغسطس 2018

التصحيف وأثره في كتب التراجم

التصحيف وأثره في كتب التراجم

ينبغي على المشتغل بالحديث أن يكون على معرفة بضبطِ ألفاظ الحديث متنًا وإسنادًا ، والاحتراز من التَّصحيف فيها ، وأكثرُ ما يقع ذلك لمن أخذَ من الصُّحف

وقد كان الحافظُ الكبير الجِهبِذ أبو الحجاج المِزِّيّ -تغمده الله برحمته- من أبعد الناس عن التصحيف، ومن أحسن الناس أداءً للإسناد والمتن ... وكان إذا تغرَّبَ عليه أحدٌ بروايةٍ مما يذكره شراح الحديث على خلاف المشهور عنده يقول: *هذا من التصحيف الذي لم يقف صاحبه إلا على مجرد الصُّحف والأخذِ منها*. فيما قاله صهره العماد ابن كثير

والحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ) له جهود كبيرة في الزيادات على كتب التراجم، منها جملة كثيرة زادها على «كتاب ميزان الاعتدال» للشمس ابن الذهبي (ت 748هـ)؛ وما زاده عليه من التراجم المستقلة جعل قبالته أو فوقه (ز).

ومن هذه الزيادات: 
-(ز) غَرِيب بن عبد الواحد.
عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيد بن المُسَيَّبِ، عن عائشةَ رضي الله عنها بحديث: «السَّخِيُّ قَريبٌ مِنَ اللهِ، قَريبٌ مِنَ الخَيرِ، قَريبٌ مِنَ الجنَّةِ … » الحديث.
رواه ابن أبي دَاوُدَ ، عن جعفر بن محمد بن المَرْزُبان ، عن خالد [١] بن يحيى القاضي عنه .
وذكر عقبه قول ابن الجوزي (ت 597هـ): «غريبٌ مجهول». انتهى.

وهذه الترجمة التي زادها الحافظ ابن حجر ناتجة عن تصحيف وقع في نسخته الخطية بـ «كتاب الموضوعات» لابن الجوزي، فالذي في نُسخة البدر عليّ ابن الشيخ أبي الفرج من «الموضوعات»: «عن عنبسة بن عبد الواحد القُرشي».
وهي من أوثق ما وصلنا من نُسخ الكتاب، وقد نقلها من خط والده أبي الفرج البغدادي

وفي إثر تعليق ابن الجوزي على هذه الرواية من نسخة ولده البدر، ما نصه: «في طريقه الأول: «خالد بن يحيى، وهو مجهول». انتهى.

لا كما وقع في النسخ السقيمة: ... غَرِيبٌ مجهول.

والرواية خرجها الخطيب في «كتاب البخلاء»، وفيه: «عن عنبسة بن عبد الواحد القُرشي». انتهى.

وعنبسة ثقة، أخرج له البخاري في تعاليق «الصَّحيح»، وأبو دَاود، ولهذا لا يصح أن تكون هذه الترجمة من الزيادات على «ميزان الذهبي».

على أن الحافظ ابن حجر وقف على نُسخة من «الموضوعات» لابن الجوزي بخط الحافظ الزكي المنذري (ت 656هـ) استفاد منها في موضع بـ «اللسان»، ولعله لم ينشط للاستظهار بها في هذا الموضع ، أو ما وقع له من نسخة الزكي لم يشمل هذا الموضع.

والحافظ له عناية كبيرة بـ «كتاب الموضوعات» لابن الجوزي، وقد وقع للعلامة الداودي تلميذ الجلال ابن الأسيوطي نسخة بـ «كتاب الموضوعات» لابن الجوزي مطررة بتعليقات الأئمة الثلاثة : ابن حجر ، والبوصيري ، والقلقشندي .

على أن ابن عراق وقف على نسخة من «مختصر موضوعات ابن الجوزي» لابن درباس مطررة بالكثير من التعقبات التي قيدها الحافظ ابن حجر بخطه على حد تعبير ابن عراق، وقد احتفى بها أيما احتفاء في «تنزيه الشريعة»، وكاد أن يستوعب جل الطرر المقيدة على مختصر ابن درباس. هذا والله أعلم.
_____

[١] كذا في «اللسان»، و«الموضوعات»، والذي في المطبوع من «البخلاء» للخطيب: «خلف».


حوار حول كتاب: "مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار" في الموعظة، وخطأ نسبته للغزالي ت: 505 هـ

حوار حول كتاب: "مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار" في الموعظة، وخطأ نسبته للغزالي ت: 505 هـ

ضياء الدين جعرير:
قال حاجي خليفة: "مشكاة الأنوار، في لطائف الأخبار
في الموعظة.
للإمام، حجة الإسلام، أبي حامد: محمد بن محمد الغزالي.
هي: ليست للغزالي، بل لواحد من المتأخرين، ينقل عن: الغزالي.
ملكتها، وطالعتها.
المتوفى: سنة 505، خمس وخمسمائة.
قال: انكشفت لأرباب القلوب، أن لا وصول إلى السعادة للإنسان، إلا بإخلاص العلم والعمل للرحمن، فسنح في خاطري، أن أجمع: كتابا جامعا لجميع أشياء من: آيات القرآن العظيم، وسنن الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وكلمات الأولياء، ونكت المشايخ - رحمهم الله تعالى -، وحكم أهل العرفان.
وأخذت من كل ما يشوق القلب إلى الله - سبحانه وتعالى - وطاعته، ويقطع لذة النفس عن الدنيا وشهواتها، ويرغبها في الآخرة ودرجاتها.
وحصرت مقصوده في: ثمانية وأربعين بابا.
أوله: (الحمد لله الذي نور قلوب أوليائه بأنوار معرفته ... الخ) ." اهـ (الكشف: 2/ 1693).
ونُسِبت نسخه الثلاثة التي بمكتبة الغازي خسروبك بسراييفو البوسنة في الفهرس البوسنوي وبطاقات المخطوطة المرفقة مع المخطوطات إلى الغزالي، وأرقامها في الغازي: 5656/6394/1709.
ومما يُؤيّد أنّ الكتاب المذكور لأحد المتأخرين وليس للغزالي، نقله عن المشارق للصاغاني -أو الصغاني- المتوفى سنة: 650، والغزالي توفي سنة 505، وبعده بقليل قال: "وقال حجة الإسلام الإمام الغزالي" اهـ، ويبدو أنّ نسبة الكتاب للغزالي كانت من إكثاره من النقل عنه رحمه الله.
اليامين قندوز: زادكم الله توفيقا أخي الشيخ ضياء 
لعل منشأ الوهم التشابه في العنوان بكتاب الغزالي الآخر (مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار)، وهذا الأخير مطبوع متداول ومنه نسخة نفيسة كتبت قبل ٦٥٧ هج محفوظة ضمن مجموع له بإحدى الخزائن الجزائرية.
ضياء الدين جعرير: صدقت شيخ اليامين، الأمر كما يبدو من المخطوط هو كما قلتم، فالتشابه ظاهر في الشطر الأول من العنوان، وزاد عليه ما ذكرتُ فوق من نقله عن الغزالي فكان الذي كان، أفدتني كثيرًا، وسأسجل فائدتك منسوبة إليك في بطاقة الفهرسة، شكرا لك.
د. عامر حسن صبري: أظن أن الكتاب نسب إلى ابن عربي الحاتمي الطائي الصوفي، وإذا ثبت أنه ينقل عن الصاغاني فهذا ينفي نسبته ألى ابن عربي.
د. عبد السميع الأنيس: سمعت الشيخ شعيب الأرنؤوط رحمه الله تعالى يقول: مشكاة الأنوار فيه طامات..
(قلت -ضياء-: لعل المقصود كتاب الغزالي الذي ذكره سابقا الأخ اليامين، وقد حذر منه شيخ الإسلام في مواضع عدّة).
د. خالد مرغوب: نعم مشكاة الأنوار نعوذ بالله فيه مادة القول بالوحدة.
مشهور آل سلمان: مشكاة الانوار عبارة عن أحاديث الهية مسندة فالطامات في عدم صحتها، وهو في كتابي كتب حذر منها العلماء.
يوسف الأوزبكي المقدسي: مشايخنا الكرام 
هل هو في تفسير آية سورة النور؟
ضياء الدين جعرير: لا أخي العزيز، هو في الوعظ.
قال شيخ الإسلام كما في المجموع: 4/66 "وقد حكي عنه من القول بمذاهب الباطنية ما يوجد تصديق ذلك في كتبه. ورد عليه أبو عبد الله المازري في كتاب أفرده ورد عليه أبو بكر الطرطوشي ورد عليه أبو الحسن المرغيناني رفيقه رد عليه كلامه في مشكاة الأنوار ونحوه ورد عليه الشيخ أبو البيان والشيخ أبو عمرو بن الصلاح وحذر من كلامه في ذلك هو وأبو زكريا النواوي وغيرهما ورد عليه ابن عقيل وابن الجوزي وأبو محمد المقدسي وغيرهم." اهـ.
ومن مطالعتي لبعض كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع يبدو أنّه يتكلّم عن كتاب الغزالي رحمه الله، لا عن مشكاة الأنوار الذي هو لبعض المتأخرين كما قال حاجي خليفة المتوفى في القرن الحادي عشر.
عبد العزيز سعيداني: حبذا لو حرر مشايخنا محل النزاع،
فقد تحصل أن كتابين منسوبان للغزالي:
الأول: مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار.
حققه د عفيفي، أجاب فيه الغزالي من سأله عن قوله تعالى(الله نور السموات والأرض) الٱية، ونظائرها.
والثاني:مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار في المواعظ، منسوب للغزالي، وهو الذي تكلم عنه كشف الظنون.
ويظهر أنه الذي قصده الأستاذ ضياء.
ضياء الدين جعرير: وهو كذلك أخي العزيز عبد العزيز.



مجموعة المخطوطات الإسلامية

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

حول طبعة د. محمد عوامة لكتاب المدخل للبيهقي

حول طبعة د. محمد عوامة لكتاب المدخل للبيهقي

كتاب المدخل للبيهقي يعد من أهم الكتب في بابه بل لا أبالغ إن قلت هو أهمها وفيه من النصوص ما لا نجدها في الكتب الأخرى كالجامع والكفاية للخطيب وجامع بيان العلم لابن عبد البر وغيرها وقد أجاد المحقق الفاضل محمد عوامة في تحقيقه وضبطه وأثبت النص صحيحا وهو بهذا أدى ما عليه من التحقيق العلمي، ولكن وجدت أنّه قصّر في باب الدراسة وما في الكتاب من  مزايا، مع ذكر موارد المصنّف في كتابه واعتماده على مصادر مفقودة أو وصلت إلينا ناقصة ككتاب المعرفة والتّاريخ وكتب أخرى للشّافعي وكتب أخرى للحاكم بل وجدت نصوصًا عن مسلم لم أجدها في التمييز ولا في غيره ووجدت أيضا نصوصًا عن البخاري لم أجدها في التّاريخ الكبير ولا في غيره، وهناك مصادر أخرى نقل منها فلو أن العلّامة المحقق الشيخ محمد عوامة أظهرها لأسدى للباحثين فائدة جد مفيدة.
كما أنّي وجدت المحقق قصّر جدًا في الفهارس وكأنه كان عجلا في إخراج الكتاب، فلو أنّه خدم الكتاب بفهارس فنية تفصيلية لقدّم لطلبة العلم خدمة كبيرة بل تجد في طبعة الأعظمي النّاقصة فهرسة أفضل من فهرسة الطبعة الكاملة.
والشكر موصول للشيخ الفاضل محمد عوامة على إخراج هذا الكنز الدّفين من كتب علوم الحديث الأساسية.

د. عامر حسن صبري
مجموعة المخطوطات الإسلامية


الاثنين، 27 أغسطس 2018

همهمة العراقيين وبسبستهم !

همهمة العراقيين وبسبستهم !

يُكثر العراقيون من تداول ألفاظ في مُبتدأ كلامهم وختامه.
فمن ذلك: قولهم: أنت هَمْ فعلت كذا، وأنا فعلتُه هَمْ؛ بمعنى (أيضاً).
وقولهم: بَسْ؛ بمعنى حسْبُ.
وهذا استعمال قديم عرفه هذا الإقليم منذ دهور.
وقد نقلتْ لنا كتب اللغة والأدب جانباً من ذلك، فمما ورد فيها:
قول الأخفش لتلامذته: جنّبوني أن تقولوا: (بس)، وأن تقولوا: (هَمْ)، وأن تقولوا: ليس لفلان (بخت). [البصائر والذخائر: 3/282، ونزهة الألبّاء: 109 مختصراً، ونثر الدر: 7/82، ودُرّة الغوّاص: 223].
وقد قال قائلهم قديماً:
أبو العباس قد حَجّ ::: وقد عاد وقد غَنّى
وقد علّق عنّازاً :::: فهذا (هَمْ) كما كنّا
قال أبو حيان التوحيدي: وأصحابنا يستملحون قوله (هم) هاهنا، ويرونه من العيّ الفصيح. [الإمتاع والمؤانسة: 2/174].
وذهب اللغويون إلى اعتباره من الأغلاط والأوهام، كالحريري في «درّة الغوّاص»،  والصَّفَدي في «تصحيح التصحيف» 532.
قال الموفق عبد اللطيف البغدادي: قول العامة: (هَم) فعلت مكان (أيضاً)، و(بس) مكان (حَسْب)، وله (بخت) مكان (حظ)؛ كلُّه مولَّد ليس من كلام العرب.
قلت: ومن طرائف المنقول في البسبسة: ما رواه الخطيب أنّ رجلاً ـ سأل عَفّانَ بن مسلم [محدّث العراق 220هـ] عن حديث، فحدَّثه فقالَ: زِدني في السَّماع فإنّ في سمعي ثقلاً، فقال له عَفّان: «الثقل في كلِّ شيءٍ منك، ليس هو في سَمعك بس!». [الجامع للخطيب: 1/196].

د. رياض الطائي
مجموعة المخطوطات الإسلامية

الخميس، 23 أغسطس 2018

النشرة الشهرية لمجموعة المخطوطات الإسلامية | العدد الحادي عشر والثاني عشر | رمضان - شوال 1439 هـ

النشرة الشهرية لمجموعة المخطوطات الإسلامية | العدد الحادي عشر والثاني عشر | رمضان - شوال 1439 هـ

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمّد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين أمّا بعد:

فنضع بين أيديكم العددين الحادي عشر والثاني عشر من النّشرة الشّهرية لمجموعة المخطوطات الإسلاميّة
راجين من الله تعالى أن ينفع به وأن يتقبّله
وأن يعيننا على المزيد من السّعي في نشر العلم والتّراث

ولا يفوتني أن أشكر كل من ساهم في إخراج هذه النّشرة بمقال أو مراجعةٍ أو نصيحةٍ أو توجيهٍ

•• رابط النشرة ⬇ او تحميلها من المرفقات PDF 

https://archive.org/download/almaktutat_gmail_1112/النشرة%20الشهرية%20العدد%2011-12.pdf

•• هدية العدد ⬇ نسخة صحيح الإمام مسلم بخط الإمام الميدومي ( نور عثمانية برقم 1185 – 1186 )
الجزء الأول من صحيح الإمام مسلم
https://archive.org/download/NURUOSMANIYE1185/NURUOSMANIYE1185.pdf

الجزء الثاني من صحيح الإمام مسلم 
https://archive.org/download/NURUOSMANIYE1186/NURUOSMANIYE1186.pdf

‏تسرنا ملاحظاتكم واقتراحاتكم

والحمد لله رب العالمين

إخوانكم في مجموعة المخطوطات الإسلامية
تويتر : almaktutat@ 
تليغرام : https://telegram.me/almaktutat
المدونة : http://almaktutat.blogspot.ae/?m=1


الخميس، 9 أغسطس 2018

التأمُّل وأثره في إدراك الخلل وتصحيح النص

التأمُّل وأثره في إدراك الخلل وتصحيح النص
بقلم الشيخ د. رابح مختاري الجزائري

إنَّ التحقيق رياضة عقلية، مبدؤها دقَّة الاستشكال والتنبُّه لمواطن الخلل ومظانِّ الاشتباه، وغايتُها تقويم الأوَد وسدُّ الثُّلمة، وإنما يؤتي أكله بإدمان النظر، وطول الفحص وكثرة التنقيب، مع الاستعانة بمسبار الفَهم، ومحك النقد، وطول الرويَّة، فإنَّ العجلة مفتاح الزلل، وبَريد الخطل، وإنَّ الصواب إن آثرتَ الصبرَ عليه، ودبَّرتَ له نظرا بعد آخر أوشك فِكرك أن يهجم على حقيقته وأن يصل إلى غوره، وقد قالوا:"للقلب عين كما للبدن عين"، فعينُ القلب هي التي تبصر المعاني على حقيقتها وتنفذ إلى أعماقها.
 قال الحافظ ابن حجر:"من تأمل ظفر"
والتأمل المقصود هو التأمل على وجه التمام وتقليبُ وجوه الاحتمال وترداد ذلك مرة بعد أخرى إلى أن تبلغ كُنهَ العبارة، لا نصف التأمل الذي يحمل صاحبه على المسارعة إلى التخطئة بالرأي الفطير والنظر العابر، فلغة العرب بحر لا ساحل له، وأساليب العرب في كلامها دروب متشعبة لا يعرف مسالكها العجِل المَلول، فهما آفتان في طريق المحقِّق:  الركون إلى التقليد من غير إجالة النظر، والتجاسر على التخطئة قبل تمام التأمل.
قال العيني متعقِّبًا أحد العلماء تبع غيره على الوهم:"والآفة في مثل هذا من عدم التأمل والتقليد"(عمدة القاري 17/ 98)
وقال ابن الهمام:"مفاسد قلة التأمل مما يضيق عن الإحاطة به نطاق البيان"(فتح القدير 8/ 271).
وقال إبراهيم اللقاني:" :"قلة التأمل مفاسدها كثيرة"(قضاء الوطر ص508)
ومن أمثلة ذلك:
1- ورد في بعض كتب الإمام ابن دقيق العيد هذه العبارة:"ظاهر قراءة الخِرَقيِّ قوله تعالى:"وأرجلَكم" يخالف ما اقتضاه هذا الحديث وسائر الأحاديث المتضمنة للغسل..."
هكذا أثبتها المحقق:"الخِرَقيِّ"، وضبطها بالقلم أيضا، ولا يُعرف في القراء المشاهير مَن يسمى ب"الخرقي"، وقوله تعالى "وأرجلكم" قرأها بنصب اللام:نافع وابن عامر والكسائي، وقرأها بالخفض: ابن كثير وحمزة وأبو عمرو، واختُلف عن عاصم، فيُستبعد من ابن دقيق العيد أن يُغفل ذِكر القراء السبعة المشاهير، وينسب قراءة منها إلى غير مشهور، هذا أول ما ينبغي أن يَستوقف قارئ هذا النص، ثم يحاول بعدها تقليب الاحتمالات الممكنة لتصويب العبارة إلى ما يناسب السياق والمعنى، ومن ذلك أن تتقارب الكلمتان في الأصل حتى يُظن أنهما كلمة واحدة لاسيما إن كان الناسخ قد ترك إعجام الحروف وأهمل نقطها، وقد ذكر المحقق محمود الطناحي رحمه الله أنَّ من أسباب وقوع التصحيف:"قرب الحروف وبُعدها في الكلمة الواحدة، أو الكلمتين، فتهجم العين على الكلمتين، فتقرأهما كلمة واحدة، أو تلتقط جزء من الكلمة الواحدة، فتقرأه كلمة مستقلة" 
والذي يظهر أنَّ صواب العبارة:"قراءة الجَرِّ في قوله تعالى..."، فتصحفت"الجَـرِّ في" إلى:"الخِـرَقي"، وتمام كلام المؤلف(ابن دقيق العيد) يدلُّ على أنه تعرَّض لقراءة الجرِّ وما قد يُفهم من معارضتها للأحاديث الصريحة في الغسل، وقد ترتب على هذا التصحيف أن أثبت المحقق الآية بنصب اللام في "أرجلكم"، فضاع بذلك موضع الشاهد.
وقريب منه من حيث إنَّ التأمُّل يحمل صاحبه على إدراك خللٍ في السياق يدعوه إلى إجالة النظر وطول الفحص لتبيُّن وجه الصواب، ما وقع في الكتاب المتقدِّم عند ذكر الرواة عن أبي حازم سلمة بن دينار ، فقال:"روى عنه مالك والثوري وابن عيينة وسليمان بن بلال، وأبوغسان محمد بن مطرف، واسمه عبد العزيز"
وهذا غريب فقد ذَكر أنَّ أبا غسان اسمه"محمد"، فكيف يقول بعدها:"واسمه عبد العزيز"، وصواب العبارة:"وابنه عبد العزيز"، أي ممن روى عن أبي حازم:ابنُه عبد العزيز، وهو راوٍ معروف.
ويدل على هذا أن المؤلف(ابن دقيق العيد) إنما نقل هذا الكلام من"تقييد المهمل" للجياني، وهو فيه (2/ 551) على الصواب:"ابنه عبد العزيز".
والله تعالى أعلى وأعلم.

2- ومما يقع فيه الزلل أن يكون سياق الكلام مستقيما في الظاهر، ولكن بمراجعة المظان يتبيَّن وجه التصحيف الواقع في الأصل أو في قراءة المحقق، والمراد ما كان خطأ بَـيِّنًا، وليس ما له وجهٌ يصحُّ به.
ومثال ذلك ما يرد في كتب التراجم من نحو قولهم:"صاحب حديث كذا" أو "روى حديثا في كذا" ولا يذكرون نصَّ الحديث، بل يشيرون إلى موضوعه، فينبغي على المحقِّق أن يراجع مظانَّ هذا الحديث للتأكُّد من سلامة ما ورد في النص، و من سلامة قراءته ولا ينبغي أن يكتفي بمجرد وضوح العبارة في المخطوط واستقامتها في الظاهر، إذ قد يعتريها تحريف، وقد تسبق إلى ذهنه قراءة معيَّنة تكون مجانبةً للصواب.
ومن ذلك ما وقع في"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم(5/ 205/رقم:958) في ترجمة:"عبد الله بن يونس"، قال:"يُعرف بحديث واحد، روى عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حيث[ كذا وفي المصادر:"حين"] نزلت آية الملائكة..."
هكذا وقع في المطبوع:"الملائكة"، وكذا في نسخة كوبريلي(ق286/أ)، وهو كلام من حيث الظاهر مستقيم ومتلائم، ولكنه على التحقيق اعتراه تصحيف، والصواب كما في مصادر الحديث:"الملاعنة" وليس"الملائكة"، وقد روى هذا الحديثَ الشافعيُّ في"الأم" وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم وغيرهم وفيه:"الملاعنة"،وعند أبي داود: "المتلاعنين" وبوَّبوا عليه بما يدل على التغليظ في الانتفاء من الولد كما هو مدلول الحديث، وليس فيه ذِكرٌ للملائكة، وقد ذكر ابن أبي حاتم نفسه أن عبد الله بن يونس راويه يُعرف بحديث واحد، وقال عنه الدارقطني:"لا أعرفه إلا في هذا الحديث" (العلل10 /375، وانظر"بيان الوهم والإيهام"4 /472، تهذيب الكمال16 /337)، وهذا يدفع أن يكون له حديث آخر فيه ذِكر الملائكة.
ومما يؤيِّد هذا أن ابن الملقن أورد هذا الحديث في"البدر المنير"(8 /185) في كتاب اللعان، وذكر طرقه ثم قال:"وقال ابن أبي حاتم:عبد الله بن يونس يُعرف بحديث واحد عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر هذا الحديث[أي أشار إليه]، روى عنه يزيد بن عبد الله بن الهاد، سمعت أبي يقول ذلك"، وفي هذا إشارة إلى أن الواقع في نسخة ابن الملقن أو نسخةِ مَن نَقَل عنه ابنُ الملقن من كتاب"الجرح والتعديل" هو "الملاعنة" على الصواب، وانظر"عون المعبود" (6/ 251).
ويقرب من هذا المثال ما ورد في"التهذيب" لابن حجر(7/ 44 ط المعارف النظامية) في ترجمة"عبيد الله بن القبطية":"له في الكتب حديثان:أحدهما ....والآخر عند (م،د) في الخمس"
وقوله:"الخمس" تصحيف وصوابه:"الخسف"، وربما احـتمـل:"الجيش"، فإن الحديث رواه مسلم وغـيره من طــريق عــبيد الله بن القبطية قال:دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما، على أم سلمة أم المؤمنين، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به...الحديث، وهو بنحوه عند أبي داود، وقد اتفقت المصادر على أن حديثه في الجيش الذي يخسف به، وليس في الخمس.
قال البخاري في ترجمة"عبيد الله بن القبطية":"روى عنه عبد العزيز بن رفيع في الخسف"(التاريخ الكبير5/ 396، وانظر"التاريخ الأوسط"(1/ 142)، وكلام ابن حجر هنا اختصار لما أورده المزي من حديث ابن القبطية، وهو إنما أورد حديثين، الثاني منهما حديث أم سلمة في الجيش الذي يخسف به، ثم قال:"هذا جميع ما له عندهم"، ولم يورد له حديثا في الخمس.
وقد وقع في طبعة الرسالة من"التهذيب"(3/ 25):"في الخسف" على الصواب.

3- ومن ذلك أن يُنقل توثيق أحد الرواة عن شخص غير مشهور بتزكية النقلة، أو يُحكى رأي فقهي عن أحد لا يتردد اسمه في كتب الفقهاء، وهكذا في كل فنٍّ، فإن مثل هذا ينبغي أن يستوقف المحققَ النَّابه ليحرِّر اسم المنقول عنه حتى يتأكَّد من سلامته من التحريف وخلوِّه من التصحيف.
ومن أمثلة ذلك ما وقع في ترجمة(عبد الله بن صالح كاتب الليث) من"تهذيب التهذيب" لابن حجر(5 /260-ط المعارف النظامية) و(2 /356 ط الرسالة):"وقال أبو هارون الخريبي: ما رأيت أثبت من أبي صالح"
هكذا وقع في"التهذيب":"الخريبي"، وتبعه على ذلك غير واحد من المعاصرين فذكروا أبا هارون الخريبي ممَّن وثَّق عبد الله بن صالح.
فمن أبو هارون الخريبي هذا؟ إذ ليس هو ممن شُهِر بنقد رواة الآثار، فيبقى احتمال أن يكون من تلاميذ كاتب الليث أو ممن عاصروه والتقوا به لكني لم أجد مَن ذكره بهذا الاسم في الرواة عن أبي صالح كالمزي وغيره، فقوِي في النفس أن يكون وقع في اسمه تحريف، وتبيَّن بعد البحث أنَّ صوابه:"الـجِبْـريني" نسبة إلى"بيت جبرين" وهي قرية بفلسطين(انظر "الأنساب" لابن السمعاني 3 /189-190).
ثم راجعت نسخة خطية نفيسة من"التهذيب" فيها زيادات وإلحاقات بخط الحافظ ابن حجر نفسه فوجدت الاسم وقع عنده:"الجبريني" على الصواب(انظر ق58/ب).
ووجدت عند البيهقي في"الأسماء والصفات"(1 /590) روايةً من طريق أبي هارون إسماعيل بن محمد عن أبي صالح، وقال البيهقي عقبها:"وأبو هارون هذا هو إسماعيل بن محمد بن يوسف بن يعقوب الجـبـريني الشامي، يروي عن أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث"
فتبيَّن أنه صاحبنا، فهو شامي لأنه جِـبْـرِيني(وهي قرية من فلسطين كما تقدم وفلسطين من الشام)، أما"الخريبي" فنسبةً إلى"الـخُـرَيبة"، وهي محلة بالبصرة(انظر"الأنساب" لابن السمعاني 5/ 107)، فليست هي من الشام.
 وتـتَّـضح أهمية الأمر أكثرَ إذا علمنا أنَّ أبا هارون هذا مُـتَّـهَم شدَّد القول فيه غير واحد من الأئمة(انظر لسان الميزان 1 /432، وغيره).
وعلى هذا فقِس في كل ما تقرؤه من كتب التراث أو تستشهد به من نصوص العلماء.
قال العلامة الطناحي رحمه الله:"فعُدَّة المحقِّق الأولى هي الكتب في كلِّ فن، لأنه في كل خطوة يخطوها مع النصِّ مطالَب بتوثيق كلِّ نقل، وتحرير كلِّ قضية، بل إنَّ المحقِّق الجاد قد يبذل جهدا مضنيًا لا يظهر في حاشية أو تعليق، وذلك حين يريد الاطمئنان إلى سلامة النص واتساقه".

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

د. رابح مختاري
مجموعة المخطوطات الإسلامية

( الأستاذ الدكتور مختار أحمد رئيس قسم اللغة العربية في جامعة عليگره، والشيخ محمود النحال )

( الأستاذ الدكتور مختار أحمد رئيس قسم اللغة العربية في جامعة عليگره، والشيخ محمود النحال )

لقد جمع الدكتور مختار أحمد رسائل العلامة عبدالعزيز الميمني رحمه الله تعالى ، وهي رسائل ممتعة ومليئة بالفوائد !
كان بين تلك الرسائل رسالة ذكرتني بالباحث المفيد الشيخ محمود النحال وفقه الله وسدده ، إذ له عناية بمكتبة ابن العلقمي، وكذلك الدكتور مختار كانت له عناية بمكتبة الوزير ابن العلقمي ، وكتب عنها مقالة بعنوان "كتبخانة ابن العلقمي" ، نشرها في مجلة علوم إسلامية ، عليگره ١٩٦٠م.
وقرأها الميمني ، وكتب : (( وهناك بعض المخطوطات الأخرى من مكتبة ابن العلقمي الخاصة موجودة الآن في بعض مكتبات إستانبول )) .

ولأستاذنا النحال عناية بمكتبة محمود الأستادار ، وكذلك الدكتور كانت له عناية بالمكتبة المحمودية ، فكتب عنها مقالة تدور حول حياة محمود بن علي الأستادار الظاهري ومكتبته الخاصة التي تفرقت على مكتبات مختلفة في الهند وتركيا ومصر وأوربا ، وقد نشر ترجمتها العربية في مجلة المجمع العلمي الهندي ، المجلد التاسع، سنة ١٩٨٤م.
قال الميمني : (( إنّ بحثك عن المكتبة المحمودية يُري الجهد الكبير الذي بذلته في تهيئة مواده وكتابته )).

وما زلنا ننتظر ما سيتحفنا به أستاذنا الخريت محمود النحال عن هاتين المكتبتين.


أ. شبيب العطية
مجموعة المخطوطات الإسلامية