كتب المذاهب الفقهية بين المطبوع والمخطوط
للأستاذ: أبي شذا محمود بن عبد الفتاح النّحال -حفظه الله-
الحمد لله وحده وبعد:
فثم عشرات الكتب الفقهية المخطوطة التي لم تحقق وسائرها متقدمة وتشمل علوم مذاهب الأئمة الأربعة التي تدور عليهم الفتوى في شرائع الإسلام..
والعلة في ذلك أن مذاهب الأئمة المتبوعين قد مرت بمراحل تطوير وتحرير كما لا يخفى
وأغلب المراحل المتقدمة والمتعلقة بتأسيس كل مذهب تم تجميدها وانصرفت الجهود لإخراج المعتمد من كل مذهب لا سيما الكتب التي عليها مدار الفتوى والقضاء والتدريس .
فترى الحنابلة لا يعولون إلا على كتب العلاء المرداوي والحجاوي وابن النجار، وبعضم يتخذ كتب شارح المذهب البُهُوتي عكازة لا سيما شرح الزاد وشرح المنتهى وكشاف القناع،
وأما أغلب تواليف المتقدمين منهم فقد اندرست أو جمدت، لكن جاء الشيخ مصطفى الحنبلي (أبو جنّة مصطفى القباني الحنبلي) واعتنى بخدمة تواليف المراحل المتقدمة لا سيما كتب القاضي أبي يعلى الحنبلي وزاد المسافر لغلام الخلال وبعض تواليف أبي بكر الخلال مثل الطبقات.
وصارت دور النشر كفرسي رهان في تبني طباعة مثل هذه الكتب بداية من دار الصميعي ثم الأوراق الثقافية ثم المنهاج القويم ثم مركز الملك فيصل ثم أروقة ونهاية دار مسك.
ومع هذا فثم أعلاق حنبلية لم تر النور بعد أعجبها بقية مسائل حرب الكرماني وهي من أصول مكتبة الشيخ زهير الشاويش ويوجد منها مصورة في خزائن الجامعات بالمملكة العربية السعودية لا سيما جامعة الإمام محمد بن السعود؛ وتشمل على كتب فقهية كثيرة لم تطبع -نعم طبعت أجزاء بتحقيق بعض الفضلاء الفريان والسريع وغيرهما- هذا بجانب فقدان أغلب جامع الخلال وتفرقه أيدي سبا في المكتبات بل ما وصلني منه وحقق فتفرق دمه بين المكتبات ففي دار الصحابة بطنطا طبعت قطعة من القراءة عند القبور
وفي مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب طبع قطعة الحث على التجارة
وغيره وفي مكتبة الصحابة بالشارقة طبع قطعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وفي معارف الرياض طبعت أجزاء عديدة منها الترجل ومنها أحكام أهل الملل وغيره ومنها أجزاء مخطوطة لم تطبع بعد وكاد القاضي أن يستوعبه في تواليفه لا سيما التعليق الكبير.
وترى الشافعية لا يعولون إلا على تواليف الرملي وابن حجر الهيتمي والخطيب الشربيني وزكريا الأنصاري نعم وكتب الشيخين قبلهما الرافعي والنووي والتواليف التي قبل الشيخين مجمدة لا يجوز الفتوى منها إلا لمتبحر فغَمَرَت رياسة الرملي والهيتمي رياسة أبي حامد الإسفراييني والقفال وأبي الطيب الطبري وابن الصباغ والقاضي حسين والماوردي والجويني والغزالي وإليكا وعشرات الكتب المتقدمة التي لم تر النور بعد.
ومع جهود دار منهاج جدة في خدمة تواليف الشافعية لكن بقيت الأمات مجمدة ونحمد الله على خروج التعليقة لأبي الطيب الطبري وكذلك التعليقة عن الإسفراييني.
وترى الأحناف لا يعولون إلا على حاشية ابن عابدين وغيرها وبقيت أمات عديدة لم تر النور بعد نعم دار الرياحين الصاعدة لها جهود طيبة في خدمة أمات المذهب الحنفي حتى أنها أخرجت تواليف لم نرها من قبل -ولا حتى في النوم لا سيما التقريب للقدوري بل عشنا حتى رأينا كتاب الزيادات للشيباني مطبوعًا مفردًا.
ورأينا العديد من شروح الكتاب للقدوري لا سيما في دار المنهاج القويم بسوريا ولا يخفى عناية مكتبة الإرشاد باسطنبول بتواليف الأحناف وكذا دار اللباب.
وترى المالكية يعولون على متن الإمام خليل الجندي وشرحه للحطاب نعم انتبه الدكتور أحمد نجيب للكتب المجمدة فأخرها وقرت العيون برؤية الأمات
ولا يخفى عناية موراني بكتب الأسمعة وأمات أصحاب مالك فأخرج ما ظفر به من موطأ ابن وهب في قطعتين وقطعة من موطأ مالك رواية ابن قاسم تعود إلى عهد سحنون وقد شاهدها العبدري في رحلته وأشاد بها.
وكذلك أخرج ما ظفر به من واضحة ابن حبيب والحج من العتبية وفي المغرب مختصر الواضحة ولم يطبع بعد وعليه معول جمع من المالكية
ولا تزل أجزاء من العتبية في المكتبة الفرنسية بباريس تتوسل المحققين لخدمتها وعليها تملك جزائري ومتاحة بموقعهم نعم ابن رشد شرحها في البيان والتحصيل وتضمن متنها لكن مع المقارنة وجدت اختلافات كثيرة بين نسخته وقطعة القيروان كما نص ملكوش
والحمد لله أننا عشنا حتى رأينا الحج من مدونة أشهب المصري وبقيت أجزاء في القيروان لم تر النور.
والله المستعان.