الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لمجموعة المخطوطات الإسلامية رابط متجدد

الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) [رابط متجدد]

الأعداد الكاملة لـلنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) @almaktutat رابط متجدد https://mega.nz/#F!JugA2KDT!4nTvCdymnFy...

‏إظهار الرسائل ذات التسميات د. عبد الحكيم الأنيس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات د. عبد الحكيم الأنيس. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

🌴من روائع ابن حزم

🌴من روائع ابن حزم
ابنُ حزم عالم موسوعي، كتبَ في ضروب من العلم والمعرفة، وخاصم وخُوصم، ورَدَّ ورُدَّ عليه، وتقلبتْ به الدنيا...وهو من الأفذاذ الكبار...
ومما خطّه قلمُه في النصائح الصادقة والوصايا الصادعة رسالةٌ غلب عليها النَّفسُ الأخروي فجاءت معبٍّرة مؤثِّرة، وهي على الرغم من صغرها تُغني عن كلام كثير.
تلك هي: "التلخيص لوجوه التخليص". 
ولها ثلاث طبعات:
١-طبعة أولى في القاهرة. ولم أرها.
٢-طبعة إحسان عباس -رحمه الله- ضمن (رسائل ابن حزم الأندلسي)، (١٤١/٣-١٨٤). أي في (٤٣) صفحة (مع التعليق).
٣-طبعة دار ابن حزم في الرياض، وقد خُرِّجتْ أحاديثها وعُلق عليها. وصدرت في (٣٠٧) صفحة!! 
وقد أخذ المُخرِّجُ النصَّ من طبعة إحسان عباس، وتوسَّع في التخريج توسعاً لا ينسجم مطلقاً مع موضوع الرسالة ومضمونها والغاية منها.
وقد تقطعتْ أفكار الرسالة وتوزعتْ، على حساب التعليق الذي يَستغرق صفحاتٍ لا ترى فيها متناً، وينعكس هذا على القارئ الذي يكون مندمجاً في القراءة فيضطر إلى تقليب الصفحات سعياً وراء تمام الفكرة!
قرأتُ الرسالة في طبعة إحسان وتأثرتُ بها، وراجعتُ الطبعة الثالثة لمراجعة كلماتٍ لم تتضح للأستاذ إحسان فكانت الطبعة كما ذكرتُ!
وأرجو أن تتاح لي فرصة لإخراج الرسالة مفردةً، فهي نافعة بارعة.
رحم الله ابن حزم وسائر علماء الإسلام...
د. عبدالحكيم الأنيس
ليلة الأربعاء ١٩ من المحرم ١٤٤١

الاثنين، 16 سبتمبر 2019

تضخيم الكتب

🌴 تضخيم الكتب

إنَّ تضخيم الكتب مانعٌ من قراءتها والاستفادة منها.
هذا كتاب "الإكليل في استنباط التنزيل" للسيوطي كان عندي في جزء واحد، بتصحيح الشيخ عبدالله الغماري، ثم حُقق وصدر في ثلاثة مجلدات كبيرة. وهو لا يحتاج إلى هذا التضخيم كله. وحسب المحقق خدمة النص والتعليق اليسير. وكان يمكن أن يصدر في مجلد واحد.
وحتى لو كانت الكتب حُققت لنيل درجة علمية فالواجب العودة بعد ذلك على التعليق بالتهذيب والتشذيب، واختصار المقدمات لاسيما ترجمة المؤلفين المشهورين التي تُكرر تكراراً مملاً بما ذلك تكرار دراسة عصورهم...
إن نفشَ الكتب ظاهرةٌ مَرَضيةٌ يجبُ علاجها بحزم وعزم.
د. عبدالحكيم الأنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية

الجمعة، 31 أغسطس 2018

🌴شذرات مهمة من حال الأئمة في العلم والعمل، وتنبيهات متممة على معاني أقوالهم في ذلك

🌴شذرات مهمة من حال الأئمة في العلم والعمل، وتنبيهات متممة على معاني أقوالهم في ذلك

 قال الإمام الجعبري:

(ما وردَ عن الأئمة من التسليك: 
رُوي عن أبي حنيفة أنه كان لا يُباحِث. 
معناه: لا يُبَاحِثُ بحْثَ مغالبةٍ ومغالطةٍ، ولا مع مَنْ يبحثُ كذلك، بل يبحثُ لإظهار حقٍّ مع مريدهِ، ائتماراً لقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا وتعاونوا على الإثم والعدوان) . 
فحظُّ العالم مِنْ هذا كفُّ النفس عن هواها، وردُّها إلى منتهاها، لتستحق نداء (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية).
وعن مالك: أنه كان لا يشغل إلا مَنْ صحَّ ذهنه، وطهرتْ نفسُه، ووهبَ للعلم عمره. 
معناه: أنه كان لا يشغل الاشتغال الكلي إلا لمتصفٍ بها يعي فيؤدي، وتقدمه نية صالحة فيزكو، ويتمكن من النظر فيرتقي، امتثالاً لقوله [بياض في الأصل]: "لا تؤتوا الحكمة لغير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم". 
فحظُّ العالم مِنْ هذا تفقُّد حالِ الطلبة، والإقبال على مَنْ تحلى بتلك الصفات، وإيصاله إلى مطلوبه بأسهل الطرق، ليُؤتي كل ذي حقٍّ حقه، ليكون من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. 
*
وعن الشافعي: ما باحثتُ أحداً إلا وددتُ أن يظهر الحقُّ على لسانه. 
معناه: أنه تمنى حصولَ الوفاق مع خصمه، مع قطع النظر عن أحد الطرفين، لأنهما إذا لم يتفقا لم يعتقد صحة ظنه فلا يسميه حقاً، والتقديرُ أنهما عاجزان عن اليقين، فإذا اتفقا اجتمعَ ظنّاهما، وهو أقوى من واحد، فيكون أقرب إلى اليقينِ المغلِّبِ إصابة الحق نفسه، وحينئذ يكون ما جرى في جنانه ونطق به لسانه هو الذي ظهر على لسانه فيندرجان في قوله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). 
وليس معناه أنه تمنّى أن يكون الحقُّ مع خصمه -كما قيل- تنازلاً؛ لأنَّ المجتهدَ لا يحلُّ له أنْ يتمنى أن يكون على الباطل. 
فحظُّ العالم مِنْ هذا أنْ يقصدَ إظهارَ حكم الله تعالى لا مِنْ حيث ظهوره مِنْ نظره، وإنْ تشوَّفت النفسُ إلى مثله، ليشمله قولُه تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى).
وعن أحمد أنه رحلَ يطلب سنداً عالياً، فقيل له: يا أحمد: لله؟ فقال: "لله" عزيزٌ، لكنْ هوى صادفَ حقاً، معناه: قليلٌ، إشارة إلى قوله تعالى: (وقليل ما هم) ، ولقد كان من القليل، لكن تأدّبَ بقوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم)  وميلُ النفس عامٌّ، فالموفَّقُ مَنْ صادفتْ إرادتُه حقاً. 
فحظُّ العالم مِنْ هذا التحرُّز عن رؤية النفس، ومجانبةُ الدعوى الصادقة، لتزكو نفسُه، وينشرح صدرُهُ، فينتظم في قوله تعالى: (قد أفلح من تزكى) . 
رضوان الله عليهم أجمعين). 
         استخرجها وأخرجها
        عبدالحكيم الأنيس
        دبي: ٢٠ من ذي الحجة ١٤٣٩
______

 إبراهيم الجعبري 640 - 732 هـ / 1242 - 1332م، هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري، أبو إسحاق. عالم بالقراءات، من فقهاء الشافعية، له نظم ونثر، ولد بقلعة جعبر (على الفرات في سورية، بين بالس والرقة) وتعلم بدمشق وبغداد، واستقر ببلد الخليل (في فلسطين) إلى أن مات. يقال له: شيخ الخليل، وقد يعرف بابن السراج، وكنيته في بغداد (تقي الدين) وفي غيرها (برهان الدين) له نحو مئة كتاب أكثرها مختصر. له: 
(خلاصة الأبحاث) شرح منظومة له في القراءات.
و(شرح الشاطبية) المسمى (كنز المعاني شرح حرز الأماني ) في التجويد.
و(نزهة البررة في القراءات العشرة).
و(موعد الكرام ) مولد.
وموجز في (علوم الحديث).
و(حديقة الزهر) في عدد آي السور. 
و(جميلة أرباب المقاصد) في رسم المصحف.

🌴 اكتشاف مخطوط كان في خزانة القفطي بحلب، عن فصل الخريف

🌴 اكتشاف مخطوط كان في خزانة القفطي بحلب، عن فصل الخريف

كنتُ نشرتُ عام ١٤٣٧- ٢٠١٦م مقالاً عن محتويات خزانة القاضي الوزير الشيباني القفطي (المتوفى سنة٦٤٦) بحلب، بعنوان: (إعادة تشكيل المكتبات الخاصة: مكتبة القفطي في حلب أنموذجاً). 
واكتشفتُ بعدُ كتاباً جديداً كان في خزانتهِ، وهو: (التنبيه والتعريف في صفة الخريف) للأمير العالم الصالح المُعمّر أبي محمد الحسن بن عيسى بن جعفر المقتدر بالله العباسي البغدادي، المعروف بحفيد المقتدر (ت:٤٤٠). 
وهذه النسخة ذاتُها اليومَ في خزانة مسجد الفاتح في إسطنبول في مجموعٍ برقم (٥٣٠٣)، تبلغُ أوراقُه (١٢٢) ورقة، لهذا الكتاب منها (٦١) ورقة، ولملحقٍ بعدَه يشتملُ على مختاراتٍ شعريةٍ لسبعة شعراء (٦١) ورقة أخرى.
*
وقد جاء في آخر الكتاب: 
"كتبه حسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي بمدينة حلب في شهر رجب سنة ثلاث وستمئة لخزانة القاضي الأكرم العالم الصدر الكبير جمال الدين علي بن يوسف الشيباني أدام الله علاه".
والقيلوي عراقي، كان يخطُّ الكتبَ ويتجرُ بها حتى بلغتْ ألفي مجلدة، وكان في خدمة الملك الظاهر ملك حلب (ابن صلاح الدين الأيوبي)، وله مع القفطي أخبار.
وترجمتُه في "الوافي بالوفيات" (١٣٧/١٢) وغيره. 
توفي سنة (٦٣٣).
*
ووجودُ هذا المخطوط من خزانة القفطي في إسطنبول قد يفتحُ الباب للعثور على مخطوطاتٍ أخرى كانت لديه هناك.

وقد حَقق الكتاب عن هذه النسخة الأستاذان الفاضلان: غازي مختار طليمات ومحمد محيي الدين مينو (الحِمْصِيان).
وصدرتْ طبعتُه الأولى عن دار قنديل بدبي سنة (١٤٣٨-٢٠١٧).
وهو ثاني كتابٍ يُطبع مِنْ الكتب المؤلفة في فصل الخريف.
*
وللخطيب البغدادي (ت:٤٦٣) عصري الأمير حفيد المقتدر: "التنبيه والتوقيف على فضائل الخريف".
كانت منه نسخة في حلب في القرن السابع، كما في "المنتخب مما في خزائن الكتب بحلب" ص ١٤، وأتخيلُ أنها كانت عند القفطي، بدلالة اهتمامه بكتاب الأمير في هذا الموضوع.
واليوم لا نعرف له نسخة.
*
تتمة:
لم تصل إلينا أخبارٌ كثيرةٌ عن الأمير مؤلف كتاب "التنبيه والتعريف"، وقد وقفتُ له على خبرٍ جميلٍ في غير مظانه، حكاه الإمام أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي في كتابه "الفنون"، ولعلي أعرض له في مناسبة أخرى.
*
وأختم بقولي: واشوقاه إلى "الخريف"...
*
           عبدالحكيم الأنيس
    دبي: الاثنين: ١٦ من ذي الحجة ١٤٣٩.


الخميس، 30 أغسطس 2018

منهج رائع فيه عقلٌ ورزانةٌ وسماحةٌ يقدمه الإمام الجَعبري في كتابٍ له مخطوطٍ ألّفه في مدينة "الخليل" في فلسطين سنة ٧٠٢

🌴 منهج رائع فيه عقلٌ ورزانةٌ وسماحةٌ يقدمه الإمام الجَعبري في كتابٍ له مخطوطٍ ألّفه في مدينة "الخليل" في فلسطين سنة ٧٠٢

( عليكَ -أيها السالكُ طريقَ الحقِّ- بتزكيةِ النفسِ، وسلامةِ القلب؛ لتنتظمَ في مسلك السّائرين.
*
واحملْ كلامَ أخيك على أحسنِ المحامل؛ لتندرجَ في المبشَّرين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وتشملك بركةُ قوله -عليه السلام-: "المؤمنُ يطلبُ المعاذير، والمنافقُ يطلبُ العثرات". 
*
وتأدَّبْ بقول عيسى -عليه السلام- وقد مرَّ به خنزير: مُرَّ بسلام، فرُوجع فقال: لا أعوِّد لساني إلا الخير، وقال أصحابُه لكلبٍ ميت: ما أنتنَ هذه الجيفة! فقال: ما أحسنَ بياض أسنانه! فأظهرَ المليحَ وسترَ القبيحَ، فالنفسُ الطيبةُ تظهرُ الطيب، والخبيثةُ تعلنُ الخبيث إذ رشحُ كلِّ إناء مما فيه. 
وإليه الإشارة بقوله تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) أي حسن، (والذي خبث لا يخرج إلا نكداً) . 
*
فإذا وجدتَ لعالمٍ كلاماً يَريبك فاتهمْ نفسَك أولاً، ثم أمعنِ النظرَ فيه مُستعيناً بالله لعله يُرشدك إلى صوابه، وتنتفع به، وتسلم فيه. 
*
وإذا أُرتجَ عليك قولُ مجتهد: فإنْ كنتَ في حضيضِ التقليدِ فوظيفتُك التسليمُ. 
وإنْ وفَّقك اللهُ لرتبتهِ -ولو في مسألةٍ- فعليك العمل بظنِّك، وانسبْ إلى نفسِك ما توهمتَه منه؛ لأنك هو في الحقيقة. 
وإيّاك أنْ يغلبَ عليك العِرقُ الشيطانيُّ فتقول: أنا خير منه متكبّراً فتخرجَ مذموماً مدحوراً، أو السبُعيُّ فتمزِّقَ الأعراضَ، فتصيرَ هدفاً من الأغراض. 
*
واحذرْ يا مقلِّد إذا اعتقدتَ مذهباً أنْ تفضِّله على غيره، فتُخطئ سواءَ السبيل، إذ كلٌّ على حقٍّ، وما يُدريك مَنْ صاحبُ الحق، والحذار الحذار أنْ تطعنَ فيه، فيلحقك وبالُ قوله -عليه السلام-: "لعنَ اللهُ مَنْ سبَّ والديه" إذ فسَّره بالذي يسُّب والِدَيْ غيره. 
وإليه الإشارة بقوله تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم). 
*
وتحفَّظْ يا مناظِرُ عند المباحثة مِنْ علوِّ نفسِك، تشوّفاً إلى غلبةِ نظيرِك، فإنه وبالٌ.
*
واحترزْ مِنْ عُجبك بلسانك، فإنه أسرُك، ومِنْ براعة فصاحتك، فإنها محنتُك. 
واغضضْ مِنْ صوتك تأدُّباً. 
واقصدْ بذلك محضَ الحق وتحقيقَهُ.
وانقدْ له مِنْ حيثُ ظهرَ تَفُزْ بإحدى الحُسنيين. 
*
واعلمْ أنَّ المسائل التي يُخاضُ فيها: 
كإباحةِ الرِّبا مع الحربي. 
وتحليلِ الكلب. 
وإجازةِ نكاح الزاني المخلوقة مِنْ مائه. 
وجوازِ نكاح المتعة. 
إنما هو في بادي الرأي، فإذا نظرتَ في الدليلِ علمتَ أنك العليلُ. 
وميزانُ اعتدالِك أنْ يتساوى عندَك أشخاصُ أصنافِ نوعك ممَّن ساواك أو ناوأك تساوياً كلياً فيما يدخلُ تحت التكليف، مِنْ حيثُ هُمْ كذلك، لتنسلخَ عن دنيِّ طبعك، وتتجرَّدَ لتدبيرِ صُنعك، وتنظرَ في معرفة ربِّك).

      نقله مُذكِّراً به نفسَه وإخوانَه: 
      عبدالحكيم الأنيس
      دبي: ١٩ من ذي الحجة ١٤٣٩
      مجموعة المخطوطات الإسلامية

الجمعة، 15 يونيو 2018

🌴 مع العلم في العيد

🌴 مع العلم في العيد
         عبدالحكيم الأنيس

إذا تغلغلَ حبُّ العلم في القلب كان هو الراحة والسعادة والأُنس، ولم يَملك المرءُ عنه انفكاكاً لا في جمعةٍ ولا في عيد، وقد وجدنا مِنْ تعلُّقِ العلماءِ بالعلم وصرْفِ أوقاتِهم فيه، واغتنامِ العمر في خدمتهِ وبثِّهِ عجائبَ، ومِنْ ذلك اشتغالُهم بالتأليف في الأعياد، وهي عادة ما تكون أوقاتاً مصروفة في الراحة والعطلة، وأضربُ على ذلك هذه الأمثلة:

• من كتب الحنفية: "خزانة الأكمل في الفروع" - في ست مجلدات- لأبي يعقوب يوسف بن علي بن محمد الجرجاني الحنفي، ذَكَرَ فيه أنَّ هذا الكتاب محيطٌ بجُلِّ مصنَّفات الأصحاب بدءاً بالكافي للحاكم، ثم بالجامعين، ثم بالزيادات، ثم بالمجرد لابن زياد، والمنتقى، والكرخي، وشرح الطحاوي، وعيون المسائل، وغير ذلك، واتفقتْ بدايتُه يوم عيد الأضحى سنة 522هـ[1].

• ولأبي المحامد محمود بن محمد بن داود اللؤلؤي البخاري الأفشنجي (ت:617هـ) كتاب بعنوان: "حقائق المنظومة" شرَحَ فيه منظومةَ النسفي في الخلاف، مكث في جمعه أكثرَ من سبع سنين، وأتمَّه يوم عيد الأضحى سنة 666 ببخارى[2].

• ومن الكتب المشهورة كتاب "تهذيب التهذيب" لشيخ الإسلام الحافظ أحمد ابن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، وقد جاء في آخره: "فرغنا منه يوم عيد النحر سنة اثنتي عشرة وثماني مئة".

وأقام في عمله ثماني سنين إلا شهراً واحداً[3].

• وللشيخ عبد الرحمن بن محمد البسطامي (ت:858هـ): "الأدعية المنتجة والأدوية المجربة" وهو مختصر في وصف الدواء، ألّفه ليلة عيد الفطر سنة 838، ورتّبه على خمسة أبواب، كلها في الطاعون، أوله الحمد لله اللطيف بعباده[4].

• وللإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت:911هـ) "الدر المنثور في التفسير المأثور"، وقد جاء في آخره (15/852): "قال مؤلِّفه (رحمه الله) وتقبّل الله منه صنيعَه: فرغتُ من تبييضه يومَ عيد الفطر سنة ثمان وتسعين وثماني مئة، والحمد لله وحده, وصلى اللهُ على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين...".

• ومن الكتب المالكية: "الدر النثير على أجوبة أبي الحسن الصغير" (هو علي بن محمد بن عبد الحق الزرويلي)، جمعها أبو سالم إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي بكر التسولي التازي، المعروف بابن أبي يحيى، ورتّبَ الكتابَ ونسَّق أبوابَه أبو سالم إبراهيم بن هلال بن علي السجلماسي قاضي سجلماسة، ووضَع عليه تقييدات، وفرغ من تأليفه يوم عيد الأضحى سنة 900هـ[5].

• وللشيخ شمس الدين محمد القوهستاني (ت في حدود سنة 950هـ): "شرح مقدمة الصلاة" فرغ منه يوم العيد سنة 949هـ[6].

• وللقاضي أحمد بن ناصر المخلافي (ت:1116هـ): "أرجوزة العيد"[7].

• ومن أخبار العلم في العيد: قراءةُ (المُسلسلات) الخاصة بالعيد، فيه، وسماعُها.

وقد ذكر ابنُ خير الإشبيلي (ت: 575هـ) كتاب "الأحاديث المُسلسلات" لابن العربي وقال: "حدّثني بها -رضي الله عنه- قراءةً مني عليه في المسجد الجامع بإشبيلية، عمره اللهُ بالإسلام، بين المغرب والعشاء، والعيديات منها في يوم عيد الأضحى"[8].

ثم ذكر كتاباً آخر فقال:

"الأحاديث المُسلسلات، تخريج الشيخ أبي القاسم عبد العزيز بن بندار بن علي الشيرازي، عن شيوخه رحمهم الله، حدّثني بها شيخُنا أبو الحسين عبد الملك بن محمد بن هشام بن سعد القيسي رحمه الله، قراءةً مني عليه بجامع مدينة شلب، عمره اللهُ بالإسلام، عشي يوم عيد الأضحى من سنة 549، وسلسلتُها معه على شروطها المذكوره فيها..."[9].

• وفي يوم العيد سنة 1329 كتب الأستاذُ الشيخُ محمد المكي ابن عزوز التونسي المسلسلَ به إلى الشيخ عبد الحي الكتاني قصداً -كما قال المجاز-[10].

ومن المؤلّفات الحديثية التي حملتْ اسم العيد:

• تحفة عيد الفطر لزاهر بن طاهر الشحامي (ت: 533هـ)، مخطوط في مكتبة مكة المكرمة برقم (15/190)، وهو مذكورٌ في "كشف الظنون" (1/370).

• وذكر له "تحفة عيد الأضحى" في "برنامج الوادي آشي" ص 263.

• ولعبد الصمد بن عبد الوهاب ابن عساكر الدمشقي (ت:686هـ): "أحاديث عيد الفطر"[11].

• وللحافظ محمد مرتضى الزَّبيدي (ت: 1205هـ): "التغريد في الحديث المُسلسل يوم العيد"[12].

• وللحافظ محمد عبدالحي الكتاني (ت:1382هـ): "الطالع السعيد إلى المهم من الأحاديث المُسلسلة بيوم العيد"[13].

وللحديث المُسلسل بالتحديث في يوم العيدين ذكرٌ في كتب المُسلسلات الجامعة، ومن ذلك: "جياد المُسلسلات" للحافظ السيوطي ص187-192، و"الجواهر المكللة في الأحاديث المُسلسلة" للحافظ السخاوي ص 76-83.

وغنيٌّ عن البيان أنَّ خطبة العيدين تدخلُ أيضاً في الاشتغال بباب من أبواب العلم، وإشاعته بين المسلمين، وتوعية الناس بمالهم وعليهم.

ورأينا العلماءَ يحرصون على ذكر مسائل علمية وإرشادية في مجالس استقبالهم المهنئين مِنْ طلابهم، ومُحبيهم، ومجاوريهم، وعامة زائريهم، فلا يَمرُّ الوقت إلا في خيرٍ يُزاد، أو شرٍّ يُذاد.
------------------------------
[1] كشف الظنون (1/702).
[2] كشف الظنون (2/1868).
[3] كشف الظنون (2/1511).
[4] كشف الظنون (1/50).
[5] فهرس ما لم يُفهرس من مخطوطات المكتبات الخاصة المغربية (ضمن المكتبة الشاملة).
[6] كشف الظنون (2/1802).
[7] معجم المؤلفين (192:2).
[8] فهرسة ما رواه عن شيوخه ص175.
[9] السابق ص 175-176.
[10] انظر: فهرس الفهارس (1/879)..
[11] الأعلام (4/11).
[12] ذكره الكتاني في "فهرس الفهارس" (1/294 و 537).
[13] ذكره لنفسه في "فهرس المفهرس" (1/477 و 483).

مجموعة المخطوطات الإسلامية

الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

متى ألف ابن الجوزي كتابه: "النور في فضائل الأيام والشهور"؟

🌴 متى ألف ابن الجوزي كتابه: "النور في فضائل الأيام والشهور"؟

لم أجدْ تاريخاً لتأليف الكتاب في النسخ الخطية الثلاث التي رجعت إليها.
ولكن يمكن القول: 
إنه كان قبل تأليف كتابه "الموضوعات من الأحاديث المرفوعات" الذي فرغ منه في ليلة الأربعاء (17) من ربيع الآخر سنة 572هـ كما جاء في آخره.
ذلك أنه أورد هنا –أعني في كتاب "النور"- عدداً من الأحاديث، ثم حكمَ عليها في كتابه "الموضوعات" بعدم الصحة. 

وكذلك هو متقدِّمٌ على كتابه "التبصرة" إذ قال فيه عن أحاديث كان قد أوردها في "النور": إنها لا تصح. 
وكان تأليف "التبصرة" بعد شهر ذي القعدة من سنة 575هـ لأنه ذكرَ فيه الخليفةَ الناصرَ لدين الله العباسي الذي ولي الخلافة في هذا التاريخ. 

وإنْ عكَّر على هذا أنه أورد في كتابه "المرتجل" الذي ألفه في واسط -أي بعد سنة (590)- أحاديثَ سبقَ منه الحكمُ بوضعها، فيدلُّ له أنه قالَ هنا في "مجلس عمل اليوم والليلة": 
"فإذا قُضيت الصلاة فليقل ... ويقرأ الفاتحة، وآية الكرسي، و(شهد الله أنه لا إله إلا هو) إلى قول الله تعالى: (سريع الحساب)، ويفعل ذلك عقب كل صلاة فريضة، فقد رُوي لذلك ثوابٌ عظيمٌ". 

وقد رجعَ هو عن هذا فقال في كتابه "الموضوعات" عن هذا الحديث: 
"هذا حديثٌ موضوعٌ تفرَّد به الحارث بن عمير.
قال أبو حاتم ابنُ حبان: كان الحارث ممَّن يروي عن الأثبات الموضوعات، روى هذا الحديث ولا أصلَ له.
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: الحارث كذّاب ولا أصل لهذا الحديث.
قلتُ (القائل ابن الجوزي): 
كنتُ قد سمعتُ هذا الحديث في زمن الصِّبا فاستعملتُه نحواً مِنْ ثلاثين سنة لحُسن ظني بالرواة، فلما علمتُ أنه موضوع تركتُه، فقال لي قائلٌ: أليس هو استعمال خير؟ 
قلت: استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعاً، فإذا علمنا أنه كذبٌ خرجَ عن المشروعية".

أقول:
وإذا قدَّرنا أنه سمع هذا الحديث وهو في الخامسة عشرة من عمره، واستعمله ثلاثين سنة ثم تركه، فيكون تركه سنة (555هـ)، ويكون تأليف هذا الكتاب (النور) في أثناء الاستعمال، أي قبل تلك السنة. 
والله أعلم.
وأنا جاد في ترتيب مؤلفات الشيخ على السنين قدر الإمكان.

د. عبد الحكيم الأنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

حوار مهم حول طبعة المجلس العلمي الأعلى في المغرب للموطأ

حوار مهم حول طبعة المجلس العلمي الأعلى في المغرب للموطأ


نظرا ﻷهمية الحوار الذي دار بين بعض الإخوة أعضاء مجموعة المخطوطات اﻹسلامية حول طبعة المجلس العلمي الأعلى للموطأ،  فقد قمت بجمعه، وتقديمه ﻷهميته في تعريفنا بهذه الطبعة الجديدة منه.

قال اﻷخ طارق بن مصطفى بوزكية:
من الملاحظ على طبعة المجلس العلمي اعتمادها فقط على بعض النسخ الموجودة بالمغرب، وهناك سخ مهمة خارج المغرب
وفي تركيا ومصر وتونس والجزائر والمملكة وباريس وغيرها عشرات النسخ المهمة.

وقال اﻷخ خالد السباعي:
أهم النسخ الخطية للموطا الكاملة هي النسخ الموجودة بالمغرب فنسخة الجياني التي اتخذت اصلا هي أصل سماع أئمة الأندلس السابقين لا تقارعها ولا تقاربها نسخة.

وقال اﻷخ طارق بن مصطفى بوزكية: 
لكن ليتهم  اعتمدوها كلها، أين نسخ الخزانة الملكية، ونسخ مكتبة الشيخ محمد عبد الحي الكتاني، وهناك نسخ أندلسية غاية في النفاسة خارج المغرب، وهناك مجلد من رواية ابن وضاح في المكتبة الوطنية بباريس.

وقال د. عبد الله التوراتي:
على كل نشرة المجلس الأعلى نشرة أنموذجية.
وليت المحققين ينهجون نهجها.

وقال د. عبد الله  التوراتي:
الذي حقق الكتاب هو ابن الضاوية.
وقال د. نور الدين الحميدي:
نعم، وقد التقيت بعضهم حين كنت أزور المكتبة الوطنية وهم يشتغلون على الكتاب. كما كان أحد المحققين يخبرنا عن جديد تحقيقهم.
وقال د. عبد الله  التوراتي:
وأخبرني بعمله وطريقته، وقابل معه آخرون. والراوندي كان مشرفا وموجها.
والموطأ الآن طبع وحقق كما ينبغي؛ ومن أراد النقد فليصبر على مطالعته ثم فليوازن، فإن بدا له ما ينبغي أن يصلح فليعلن عنه.
وينبغي أن تتجه الجهود إلى الأصول التي لم يعتن لها أو لم تنشر على أصولها الصحيحة.

وقال وائل الرومي:
ما يخص طبعة الموطأ هـٰذه فالذي أظنه مما وصل إلي من أخبار: أنها (بث تجريبي) بمعنى أنها طبعة تصلح أن تكون عرضة أخيرة لا طبعة أولى.
هـٰذا ما فهمته من الأخبار قبل مدة أشهر ليس الآن.

وإن صح ذٰلك فالذي أراه أنها طبعة جيدة جدا، وقد امتدحها د/بشار، لا أنه لا مزيد عليها، فالزيادة عليها ظاهرة، مما سطره الإخوان هنا ومن غيرهم أيضا.

وقال نور الدين الحميدي: 
جوابا عن سؤال شيخنا د. عامر. محققو الموطأ طبعة المجلس الأعلى لم يعتمدوا نسخة تازة المبتورة. ولم يخرجوا عما بين أيديهم من نفائس الخزانة العامة.
خالد السباعي: 
نسخة مكتبة تازا من الموطأ سلمتها  لمحققي الكتاب في طبعة المجلس العلمي الأعلى  قبل خمس سنوات ولم يعتمدوها  لكونها قطعة صغيرة لم تأت بجديد على ما عندهم من النسخ الكوامل.
نور الدين الحميدي: 
كان من المفيد التنبيه على نسخة تازة لنفاستها، ثم ذكر سبب الإعراض عن اعتمادها

مما فات محققي الموطأ التنبيه عليه عند ذكرهم لأسانيد الموطأ من رواية يحيى الليثي أن الحافظ أبا محمد ابن القرطبي ألف برنامجا جمع فيه أسانيد الموطأ من رواية الليثي والتعريف برجالها وذيل عليه ابن الأبار بذيل حافل.

المصدر : مجموعة المخطوطات اﻹسلامية.
إعداد: د. عبد السّميع الأنيس


الأحد، 12 مارس 2017

🌴 أول كتاب


🌴 أول كتاب:

أول عمل علمي قمتُ به حين أقمتُ في دبي تأليف رسالة بعنوان: 
(المشقة في البحث عن شقة).
كان ذلك عام 1998م.

وقد عزمتُ الآن على طباعتها.

وأظنها أول رسالة تُؤلّف في هذا المعنى.

وقد قال فيها الأخ الصديق الشيخ محمد عبدالله ابن التمين الشنقيطي (والحال مِنْ بعضه كما يقول أهل مصر):

جادتْ قريحةُ شيخنا في علمه
          بأريج مسكٍ فائقٍ في الروعةِ
يأتي بما يسبي العقولَ يسوقُه
        لطفُ المعاني في جمال القصة
فأزالَ عن قلبي بحُسن بيانه
           همَّ المشقة في طِلابِ الشقةِ

ومما جاء فيها:
سأل الخليفةُ المهديُّ الإمامَ مالك بن أنس في المدينة المنورة: هل لك دار؟
فقال: لا.
فأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وقال له: اشترِ لك بها دارا.
فمهّد له بذلك أحسنَ قرار، وأنقذه من همّ الاستئجار.
ومن العجب أنّ إمامَ دار الهجرة لا دار له، أليس هذا مثيراً للوله!


د. عبد الحكيم الأنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية
@almaktutat


الأحد، 19 يونيو 2016

فائدة مهمة عن كتاب: غبطة الناظر في ترجمة الشيخ عبدالقادر

🌴 فائدة مهمة:

هناك كتاب بعنوان (غبطة الناظر في ترجمة الشيخ عبدالقادر) منسوب إلى الحافظ ابن حجر.
وقد وقفت عليه مخطوطا في الخزانة العامة في الرباط، ثم رأيت له طبعة قديمة...

ومع أن السخاوي ذكر له كتابا في ترجمة الشيخ عبدالقادر فقد كنت أتساءل عن صحة نسبة هذه النسخة ذاتها...

والآن وقفت على ما قطع الشك باليقين، فقد رأيت السيوطي ينقل نصا من هذا الكتاب، ويسميه بهذا الاسم: (غبطة الناظر).

وقرأت الكتاب مجددا أتلمس فيه شخصية الحافظ، فرأيت ما يدل على تحفظه بذكاء في بعض النقول...
وقد نص في المقدمة أنه ألفه تلبية لرغبة من لا ترد رغبته...

وقد ختمه بذكر كلمات لطيفة للشيخ عبدالقادر.

رحم الله أئمة الإسلام.

عبدالحكيم الأنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية
@almaktutat


الجمعة، 10 يونيو 2016

صدور الطبعة الثانية من رسالة: (وداع رمضان) للإمام ابن الجوزي رحمة الله عليه بتحقيق د. عبد الحكيم الأنيس حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
يسرُّ مدوَّنة المخطوطات الإسلامية الإعلان عن:
صدور الطبعة الثانية من رسالة: (وداع رمضان) للإمام ابن الجوزي رحمة الله عليه بتحقيق د. عبد الحكيم الأنيس حفظه الله
مقابلة بثلاث نسخ جديدة



مجموعة المخطوطات الإسلامية
@almaktutat

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

بين يدي (المجموعة النفيسة) للأستاذ عبدالكريم الدَّبَان لفضيلة الشيخ: د. عبد الحكيم الأنيس

بين يدي (المجموعة النفيسة)
للأستاذ عبدالكريم الدَّبَان
لفضيلة الشيخ:
د. عبد الحكيم الأنيس
-حفظه الله-
مجموعة المخطوطات الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعدُ: فيُسعدني ويشرِّفني أنْ أكتب هذه الكلمات بين يدي هذه (المجموعة النفيسة) وقد طال انتظارُها، وكان المأمول أنْ تصدر قبل عقدٍ من الزمن بل أكثر، ولكن عرضتْ عوارض، وحالتْ حوائل، والأمورُ مرهونة بمواعيدها...
♦ ♦ ♦

اطلعتُ على هذه المجموعة قبل أكثر من ثلاثين سنة، خصَّني بذلك شيخُنا المؤلِّفُ العلامة الجليل الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدَّبَان التكريتي - رحمه الله - مِنْ بين مُحبيه وزائريه وذويه، مع اثنين آخرين من أصدقائه أحدُهما العالم الوزير أحمد عبد الستار الجواري، وقد قال هذا فيها أبياتًا.

ومذ اطلعتُ عليها ورأيتُ غزارةَ فوائدها وأنا أقول: ليتَها تُطبَعُ ويَعمُّ نفعُها، فما مِنْ فائدة فيها علمية أو أدبية أو تاريخية إلا وهي فائدةٌ يتجمَّلُ الإنسانُ بمعرفتها، وحفظِها، وإيرادِها في مواضعها، والاستشهادِ بها في خطبةٍ أو درسٍ أو محاضرةٍ.

والحمدُ لله أنْ وفَّق لذلكَ الآن.
♦ ♦ ♦

تضمُّ هذه المجموعة ألفَ مادة، من الطُّرف والنوادر، والحوادث الغريبة، مع كثيرٍ من المقطوعات الشعرية، والأبيات المُفردة التي جرتْ مجرى الأمثال، أو كانتْ في خوالج إنسانية متنوعة، ممّا يصلحُ للاستشهاد في مواقف كثيرة، مع مسائل علمية ولغوية.

وفيها ما لا يقلُّ عن الألف والخمسمائة بيت من الشعر، وما يزيدُ على ستمائة ترجمة. كما جاء في كلام الشيخ المؤلف.

وهي حصيلةٌ مختارةٌ مِنْ فوائد مطالعات كثيرة في كتب العلوم والآداب والفنون المتنوعة.
♦ ♦ ♦

وقد لخّصَ الشيخُ فيها عمله فقال:
♦ كان جهدي بعد الجمع هو الاختيار.
♦ وضبط المفردات.
♦ وشرح ما يحتاج إلى شرح منه.
♦ وكتابة عنوان لكل مادة.
♦ وذكر البحور الشعرية للمقاطيع.
♦ وصياغة كثير من المواد بغير صيغتها الأصلية.
♦ مع تقديمٍ موجزٍ لبعضها.
♦ والتعليقِ على كثير منها.
♦ وكتابة تراجم موجزةٍ لأكثر مَنْ وردتْ أسماؤُهم في تلك المواد.

والتزمَ أن تكونَ المواد قصيرة بحيث لا تزيد المادة الواحدة على صفحة، ولا تقل عن سطرين من الدفتر الذي كَتَبَ فيه.

كما التزم أن يجعل رأس كل مئة أحد عشر بيتًا رائعة رائقة، وهي في رأس المئة الأولى اثنا عشر بيتًا، وكأن الشيخ أراد أن يتمها مئة.

وكان الافتتاحُ والختامُ حكيمين ومؤثرين جدًا.

وقد ألحقَ المجموعة بقائمةٍ للمواد، وأخرى للأشخاص المُترجَمين فقط وحسب ورودهم في المجموعة.

و رجا أنْ يكون فيها "تسليةٌ للمهموم، وترويحٌ للمكدود، ومتعةٌ، وفائدةٌ لكل قارئ".

إلى غير ذلك من الأهداف التي أشار إليها في (المقدمة) - سوى هذه الأهداف الأربعة -، وأرجو من القارئ أن يتمعن فيها قبلَ أنْ يقرأ ما وراءها.
♦ ♦ ♦

تجلّى في هذه المجموعة سعةُ قراءات الشيخ، وتنوعها، وغزارةُ علمه، وعمقُ فهمه، ورجاحةُ عقله، وحسنُ اختياره، ولطفُ أدائه.

وظهرتْ مقاصدُه الجميلة، ومِنْ أهمها ربطُ العبد بمولاه، وتذكيرُه بالمصير...

وقد نثرَ الشيخ فيها: في العناوين والمضامين توجيهاتٍ عالية صراحةً وإشارةً، وهي في كثيرٍ منها تجسِّد شخصية الشيخ في علمه، وأدبه، وعقله، وزهده...

وقال السابق:
قد عرَفناكَ باختيارِك إذ كا ♦♦♦ نَ دليلاً على اللبيبِ اختيارُه

وقالوا: اختيارُ الرجل قطعةٌ مِنْ عقله.

ويمكن أنْ يُستخرَج منها الكثيرُ من صفة الشيخ وسمته، والكثيرُ ممّا كان يدعو إليه، ويدلُّ عليه.

وقد تجلَّت براعتُه فيها، وفي التراجم التي ذيَّلها بها، ونجدُ فيها جميعًا فوائد علمية دقيقة بأسلوبٍ مُوجَزٍ، وقد حرَص في التراجم على دفع الاشتباه بين النِّسَبِ المتشابهة، والربطِ بين المتشابهين، وضمَّنها آراء مهمة، والتمثيلُ على ذلك يطولُ، ولعلَّ القارئ يتابِعُ هذا بنفسه.

والحقيقة أنَّ هذه المجموعة تأتي في مسار كتب الأدب الرفيعة المستوى كـ "عيون الأخبار"، و"بهجة المجالس"، و"محاضرات الأدباء"، و"ربيع الأبرار" وما شابهها، وليستْ "كناشًا" أو "كشكولاً"، وإنْ لم تُبوّبْ أو تُرتّبْ ترتيبًا معينًا، ففيها إلى جانب العلم تنظيمٌ واضحٌ، وجهدٌ كبيرٌ في الصياغة والتنقيح، وفيها بَعْدُ نقدٌ ولكنْ بلطفٍ، وتعليقاتٌ ذكيةٌ، ومشاهداتٌ واقعيةٌ، وأخبارٌ عصريةٌ، ونُكتٌ وطرفٌ ظهرتْ فيها دماثةُ نفسِ مؤلِّفها.

وقد فَرَغَ مِنْ تبييضها سنة (١٣٨٠هـ)، وهو في الثانية والخمسين من عمره.

وحين أقرأ فيها الآن تشدُّني إلى أيامٍ جميلةٍ كنتُ أسمعُ فيها من الشيخ بعضَ محتوياتها مِنْ حكاياتٍ لطيفةٍ، ونوادرَ طريفةٍ، وأشعارٍ ظريفةٍ في أول الدرس أو في آخره.
♦ ♦ ♦

أمّا المصادر فقد صرَّح الشيخُ بعددٍ منها، وأبهمَ عددًا آخر، وقد يَذكُرُ أسماء القائلين، وقد يطويها...

وهذه عناوين المصادر التي صرّح بها أُوردُها مرتبةً على حسب وفيات أصحابها، وأذكر أرقامَ المواد التي ذُكِرَتْ فيها:
♦ الأم للشافعي (ت: 204هـ): 305.
♦ الطبقات الكبرى لابن سعد (ت: 230هـ): 113، 182، 337، 922.
♦ كتاب البخلاء للجاحظ (ت: 255هـ): 91،6.
♦ صحيح البخاري (ت: 256هـ): 196، 479، 876.
♦ صحيح مسلم (ت: 261هـ): 601.
♦ عيون الأخبار لابن قتيبة (ت: 276هـ): 92، 497، 570، 670، 839.
♦ المعارف له: 632.
♦ الإمامة والسياسة لعبدالله بن مسلم الدينوري (المنسوب إلى ابن قتيبة): 182 (ذكره ونقده ولم يعتمدْ عليه).
♦ المحاسن والأضداد ﻹبراهيم البيهقي (كان حيًّا قبل سنة 320هـ): 434، 950.
♦ اللمع لأبي نصر الطوسي (ت: 378هـ): 466.
♦ الصحاح للجوهري (ت: 393هـ): 316.
♦ رسائل بديع الزمان الهمذاني (ت:398هـ): 233.
♦ فقه اللغة لأبي منصور الثعالبي (ت: 429هـ): 4، 904.
♦ الاستيعاب لابن عبد البر (ت: 463هـ): 556، 713، 739.
♦ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (ت: 463هـ): 225.
♦ الإحياء للغزالي (ت: 505هـ): 810.
♦ الكشاف للزمخشري (ت: 538هـ): 80، 229، 432، 882.
♦ إحدى حواشي الكشاف: 80.
♦ الأذكياء لابن الجوزي (ت: 597هـ): 935،70،23.
♦ تلبيس إبليس له: 317.
♦ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم له: 553.
♦ التفسير الكبير للرازي (ت: 606هـ): 143، 229، 416، 882، 968.
♦ النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين بن الأثير (ت: 606هـ): 151، 159، 204، 408، 420، 451، 485، 595، 735، 766، 850، 877، 961.
♦ معجم الأدباء لياقوت الحموي (ت: 626هـ): 715.
♦ مفتاح العلوم للسكّاكي (ت: 626هـ): 312.
♦ الكامل لابن الأثير (ت: 630هـ): 55، 285، 351، 468، 515، 731، 851.
♦ إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي (ت: 646هـ): 418.
♦ مرآة الزمان في تاريخ الأعيان لسبط ابن الجوزي (ت: 654هـ): 147، 340.
♦ وفيات الأعيان لابن خلكان (ت: 671هـ): 56، 147، 182، 193، 321، 328، 422، 423، 468، 494، 524، 527، 621، 627، 639، 645، 698، 729، 758، 893، 894، 990.
♦ تفسير البيضاوي (ت: 685هـ): 42، 88، 481.
♦ شرح شافية ابن الحاجب للرضي الاستراباذي (ت نحو: 686هـ): 276.
♦ ذيل مرآة الزمان لليونيني (ت: 726هـ): 757.
♦ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام (ت: 761هـ): 59، 153، 559، 866، 966.
♦ الوافي بالوفيات للصفدي (ت: 764هـ): 175.
♦ اختصار علوم الحديث لابن كثير (ت:774هـ): 640.
♦ البداية والنهاية له: 18، 86، 242، 292، 423، 440، 495، 626، 845، 861، 894، 939.
♦ البرهان في علوم القرآن للزركشي (ت: 794هـ): 229، 491، 647.
♦ القاموس المحيط للفيروزآبادي (ت:817هـ): 379، 450، 665.
♦ شرح مقدمة القاموس المحيط (ولم يذكر الشارحَ): 429.
♦ الفلاكة والمفلوكون للدلجي (ت: 838هـ): 385.
♦ الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة لابن حجر العسقلاني (ت: 852هـ): 185، 544، 777، 902.
♦ فتح الباري بشرح البخاري له: 249، 504، 742، 876.
♦ عمدة القاري للعيني (ت: 855هـ): 607.
♦ شرح ألفية ابن مالك للأشموني (ت نحو: 900هـ): 21.
♦ الدر النضيد للحفيد الهروي (ت: 906هـ): 642.
♦ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (ت: 911هـ): 181، 216، 647.
♦ الأشباه والنظائر له: 648.
♦ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة له: 148، 703، 719، 828.
♦ تاريخ الخلفاء له: 36، 339، 396، 681، 721، 772، 894.
♦ الجامع الصغير من حديث البشير النذير له: 29، 166، 186، 594، 613، 846، 875.
♦ شرح شواهد المغني له: 37، 308، 379.
♦ عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد له (نقل منه مخطوطًا): 586.
♦ المزهر في علوم اللغة له: 514، 646، 931.
♦ الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية لطاشكبري (ت: 968هـ): 471، 701.
♦ تحفة المحتاج لشرح المنهاج لابن حجر الهيتمي (ت: 974هـ): 479.
♦ العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم لعلي بن القاضي أوزن بالي (ت: 992هـ): 458.
♦ فتح القريب بشرح الترتيب للشنشوري (ت: 999هـ): 139.
♦ السراج المنير بشرح الجامع الصغير للعزيزي (ت: 1070هـ): 51، 613، 846، 875.
♦ شرح ديوان ابن الفارض لعبد الغني النابلسي (ت: 1143هـ): 730.
♦ حاشبة الصبّان (ت: 1206هـ) على الأشموني: 21، 951.
♦ حاشية حسن العطار (ت: 1250هـ) على الأزهـرية في النحو: 836.
♦ حاشية ابن عابدين (ت: 1252هـ): 818، 922.
♦ حاشية الشرواني (ت: 1301هـ) على تحفة المحتاج لشرح المنهاج: 479.
♦ تفسير المفتي الحمزاوي (ت: 1305هـ): 917.
♦ الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث ﻷحمد شاكر (ت: 1377هـ): 640.

وممّا أفاد منه ولم يذكره: "الأعلام" للزركلي، وقد رجع إليه - فيما ظهـر لي - في التراجم كثيرًا.

ومِنْ أكثر الكتب التي صرّحَ بالنقل عنهـا: "وفيات الأعيان"، ثم "النهـاية في الغريب"، ثم "البداية والنهـاية"...وأعلى عددٍ فيما رجَعَ إليه مِنْ كتبٍ مؤلفاتُ السيوطي، فقد ذَكَرَ منها ثمانية كتب.
♦ ♦ ♦

ويتلخصُ عملي في هذه المجموعة بـ:
♦ مقابلتها بعد صفِّها بالأصل.
♦ مراجعة كثير من النقول والنصوص وتواريخ الوفيات، وتصحيح ما وقع سهـوٌ في نقله.
♦ زيادة ضبط للألفاظ.
♦ إضافة تعليقات في عدد من المواضع.
♦ وضع الهـمزات.
♦ التأكد من تراجم الأعلام، وقد وقع اشتباهٌ في ترجمة سبعة أعلام، فاستدركتُ ذلك. وهـي في الأرقام (٢٠١) و(٣١٦) و(٣١٦) أيضًا و(٣٢٥) و(٣٥٤) و(٥٤٤) و(٨٦٦).

♦ لم يلتزم الشيخُ ترجمة العَلَم عند ذكره أول مرة، وكان يُحيل على موضع الترجمة. فراجعتُ هـذه الإحالات كلهـا، وصححتُ قسمًا منهـا.

♦ إضافة "هــ" على التواريخ للتوضيح.

♦ استخدم الشيخُ "هامة" و"مهمة" فوحدتها كلها: "مهـمة".

♦ واستخدم "مشائخ" بالهمز، ولكنه كان بعدُ يَحُكُّ الهمزة ويثبتها ياء، فجعلتها "مشايخ".

♦ التأكد من بحور الشعر، وتعديل بعضها.

♦ استخرجتُ مصادرَ الشيخ التي صرَّح بهـا، ورتبتُهـا على حسب وفيات أصحابهـا. وهـي مصادر متنوعة من القرن الثالث الهـجري إلى الرابع عشر.

♦ وضعتُ للمؤلِّف ترجمة مختصرة.

♦ ما أضفتُه أو عدلتُه وضعتُه بين معقوفين وختمتُه بـ: ع. وقد لا أفعل عند التعديل اليسير.

♦ فهرَسَ الشيخُ أسماءَ المترجمين على ترتيب ورودِها في المجموعة. وجعلتُها على الحروفِ لتيسير الوصولِ إلى المطلوب.

♦ وضعتُ نماذجَ خطيّةً من الأصل الذي هـو بخطِّ المؤلِّف.

وبعدُ: فأسأل اللهَ أن يجزي الشيخَ خيرَ الجزاء على ما علّم وقدّم، وألّف وصنّف[1].

وأن أكون قد أديتُ جزءًا مِنْ واجبي وفاءً له. رحمه الله ورضي عنه.

[1] وهذ الكتاب هو العاشر ممّا وفّق اللهُ لخدمتهِ مِنْ مؤلفات الشيخ، والحمد لله على توفيقه.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/93815/#ixzz3psvwnzgG

الأحد، 6 سبتمبر 2015

خاطرة المساء


خاطرة المساء

لو اشتغل الناس بذكر الله، وصرفوا لذلك من أوقاتهم وأعمارهم كما يصرفون بذكر الناس وحكاياهم وقصصهم وأمورهم -حلالا وحراما- لصاروا من كبار العباد والصالحين، وارتفعت منازلهم عالية في مراتب المقربين...

خاطرة منظومة تؤكد المنثورة:

دعوا قيسا وليلى في هواهم
وكفوا عن أحاديث العباد
جهاد المرء نفسا عن هواها
لعمر الله من خير الجهاد

عبد الحكيم الأنيس
_______________


عبير التشطير:

شطر البيتين السابقين الأخ الأديب الأريب الحبيب الدكتور منشد بن فالح الشمري فقال:

(دعوا قيسا وليلى في هواهم
وهبوا صوب سارية الرشاد
وأحيوا في ربى الأذكار نفسا
(وكفوا عن أحاديث العباد)
(جهاد المرء نفسا عن هواها
زكاة للنفوس بخير زاد
ومنع النفس عن خطل الدنايا
(لعمر الله من خير الجهاد)

السبت، 5 سبتمبر 2015

كانوا كثيرا ما يتمثلون

كانوا كثيرا ما يتمثلون:

كان الشيخ الزاهد العابد الورع الصالح السيد محمد بن عبدالله الراوي مفتي مدينة عانه المتوفى سنة 1289 كثيرا ما يتمثل بقول الإمام الشافعي رضي الله عنه:
ماء وخبز وظل
هذا النعيم الأجل
جحدت نعمة ربي
إن قلت إني مقل(1)

________________
(1) بلوغ الأرب في ترجمة السيد الشيخ رجب وذريته أهل الحسب ص 115.
ولينظر في نسبة هذين البيتين إلى الإمام الشافعي.
د. عبد الحكيم الأنيس