الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لمجموعة المخطوطات الإسلامية رابط متجدد

الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) [رابط متجدد]

الأعداد الكاملة لـلنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) @almaktutat رابط متجدد https://mega.nz/#F!JugA2KDT!4nTvCdymnFy...

السبت، 23 ديسمبر 2017

صور وخواطر من حياة العلامة الشيخ مصطفى الأعظمي رحمه الله تعالى (1350-1439) وجهوده في خدمة الحديث النبوي وتحقيق مخطوطاته

صور وخواطر 
من حياة العلامة الشيخ مصطفى الأعظمي
رحمه الله تعالى (1350-1439)
وجهوده في خدمة الحديث النبوي
وتحقيق مخطوطاته

بقلم
د. عبدالسميع اﻷنيس

العلامة الشيخ محمد مصطفى اﻷعظمي أحد أهم علماء الحديث النبوي الشريف في هذا العصر، وأبرز المتخصصين فيه، لاسيما في مجال الدفاع عن السنة، ورد اﻷباطيل والشبهات المثارة حولها بلغة علمية رصينة.
وغياب أمثال هؤلاء الراسخين خسارة فادحة للعلم وأهله، ونسأل الله أن يعوض اﻷمة بأمثاله من العلماء المتفرغين الذين بذلوا حياتهم للعلم.
وكنت قد التقيت به في مؤتمر القاضي عبدالوهاب البغدادي، الذي نظمته دار البحوث للدراسات اﻹسلامية وإحياء التراث في دبي، سنة (2003) وحاورته حول عدد من القضايا المتعلقة ببحثي: "منهج البحث العلمي عند علماء الحديث". فرأيت فيه سمت العالم المتأني، البصير بقضايا الحديث النبوي في هذا العصر، البعيد عن اﻷضواء. وهو صورة صادقة لعلماء الحديث النبوي في ديوبند، وهي أشهر جامعة للعلوم الشرعية والحديثية في شبه القارة الهندية في العصر الحديث.

وفي رحلتي إلى إصطنبول سنة (2013) أهداني الصديق العزيز اﻷستاذ الدكتور رجب شنتورك مصورة طبق اﻷصل من مخطوطة الجامع الصحيح لﻹمام البخاري، وهي من أقدم نسخ البخاري وأصحها كتبها اﻹمام النويري سنة (725) من الهجرة، وعندما اطلعت عليها رأيت أن  الفضل يعود للدكتور محمد مصطفى اﻷعظمي في الكشف عنها، والسعي في تصويرها، ثم كتابة دراسة مهمة جدا عنها.
وقد ذكر رحمه الله أن الشيخ نظام يعقوبي هو من تكفل بتكاليف الطباعة الباهظة لمثل هذا المشروع لاسيما أنه كان باﻷلوان، فجزاه الله خير ما يجزي المحسنين.
وقد رأيت جهوده العظيمة في نشر السنة وتدريسها في تركيا، وهو جانب مهم يحتاج من اﻹخوة اﻷتراك الكتابة عنه، وإبرازه.

كما يلاحظ أن للراحل الشيخ مصطفى في تحقيق المخطوطات رؤية متميزة، فهو يعمل على تحقيق المخطوطات التي تخدم مشروعه في الدفاع عن الحديث الشريف، وإبراز توثيقه، بأدلة مادية تناسب العصر الذي نعيش فيه، وقد نجح بذلك نجاحا ملحوظا، فجزاه الله خير ما يجزي المحسنين في أعماله التي قدمها في خدمة حديث النبي ﷺ.
وأدعو الجهات العلمية للقيام بجمع كل آثاره العلمية وطبعها؛ ﻷهميتها في الدراسات القرآنية والحديثية المعاصرة.

وفيما يأتي موجز عن هذا العالم:
أولا: نشأته ودراسته:
1- ولد رحمه الله في بلدة مئو، التابعة لمدينة "أعظم كره" بالهند سنة (1350) وهي مدينة العلامة شبلي النعماني، والعلامة المحدث حبيب الرحمن اﻷعظمي رحمهما الله تعالى.

2-درس في بلدته، ثم تخرج من دار العلوم بديوبند سنة (1370) وقد أخذ فيها عن العلامة المحدث الشيح حسين أحمد المدني (ت:1377)
 3-التحق بكلية أصول الدين في جامع الأزهر بمصر، وتخرج فيها سنة (1955) وحصل على شهادة العالمية مع الإجازة بالتدريس.

4-حصل على الدكتوراة من جامعة كمبردج (1966) وكانت رسالته الدكتوراة التي قدمها في اللغة الانكليزية: "دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه". 
وفيها رد قوي على أباطيل المستشرقين وشبهاتهم، ولاسيما شاخت صاحب "نظرية اﻷسانيد الاعتباطية" سيئة الصيت، التي يتهم فيها المحدثين في القرون اﻷولى بالتلفيق.

ثانيا: تدريسه ووظائفه:
 1- عمل مدرسا للغة العربية لغير الناطقين بها في قطر سنة(1955) وعين أمينا لدار الكتب القطرية سنة (1966)
2-قَدِم إلى مكة المكرمة ودرّس بكلية الشريعة (1968-1973)
3- انتقل إلى الرياض مدرساً مصطلحَ الحديث في قسم الثقافة الإسلامية -كلية الشريعة في جامعة الملك سعود قرابة (18) سنة إلى أن أحيل إلى التقاعد سنة (1991).
 4-دُعي أستاذاً زائراً في كبرى الجامعات في أمريكا وأوروبا.

 ثالثا: أشهر مؤلفاته: 
تتميز كتاباته بالبحث والتحقيق، ومن أهم كتبه المطبوعة:
1- دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه. وهو من أهم كتبه، وقد أشرت إليه في المقدمة. طبع عدة طبعات، أهمها: طبعة المكتب اﻹسلامي في مجلدين سنة (1400).
2-منهج النقد عند المحدثين: نشأته وتاريخه، وحقق معه كتاب التمييـز لﻹمام مسلم.
طبع في المكتب اﻹسلامي ببيروت، سنة (1994)
3-حقق الموطأ للإمام مالك رواية يحيى بن يحيى الليثي، بالاعتماد على نسخ خطية.
ولكن لبعض أهل العلم ملاحظات على عمله.
 4-حقق السنن لابن ماجه.
 5- حقق الموجود من صحيح ابن خزيمة.
 6- تاريخ تدوين القرآن الكريم، وهو من أهم كتبه، وقد طبع طبعات متعددة في البلاد اﻹسلامية والغربية. وهذا الكتاب كان ردا على مقال بعنوان: "ما هو القرآن" للكاتب الصحفي توبي ليستر نشره سنة (1999) في عدد يناير من مجلة أتلانتيك منثلي.
7- كُتّاب النبي ﷺ. وقد طبع في المكتب اﻹسلامي ببيروت، سنة (1394)
8-دراسة نقدية لكتاب أصول الشريعة المحمّدية للمستشرق شاخت.
 9- مغازي رسول الله لعروة بن الزبير.
10- دراسات منهجية في علم الحديث، باللغة الإنجليزية، وقد طبع عدة طبعات، آخرها في ماليزيا. وله أشياء غير ذلك.
11-‏النص القرآني الخالد: دراسة مقارنة لسورة اﻹسراء في(19) مصحفا مخطوطا عبر العصور...بالعربية والانكليزية..
من أهم الخدمات التي قدمها رحمه الله قبل وفاته.
وهو مشروع طالما دعوت إليه؛ ﻷنه دليل مادي على حفظ الله سبحانه للقرآن.
وقد أثبتت الدراسة التطابق التام بين هذه المصاحف عبر العصور؛ مما يثبت باﻷدلة المادية عدم تحريف القرآن الكريم.
وهو دليل ينفع غير المسلمين؛ ﻷنه يرد على المستشرقين شبهاتهم وأباطيلهم.

نال جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية سنة (1400)، ومن مآثره الحميدة إعلانه عن تبرّعه بهذه الجائزة السخية للطلبة النابهين من فقراء المسلمين.

رابعا: قالوا فيه:
قال د. أكرم الندوي: "وقد كان له التأثير البالغ في الأوساط العلمية الغربية في تصحيح كثير من المفاهيم عن حفظ القرآن الكريم وتدوين السنة".
وقال د. عبدالسميع اﻷنيس:
العلامة الشيخ محمد مصطفى لأعظمي رحمه الله هو أحد اﻷعلام البارزين من شبه القارة الهندية.
 وقد قدم  دراسات مهمة حول الحديث النبوي، لا سيما في مجال توثيق النص النبوي، ورد بعلم متين وبصيرة الشبهات التي أثارها أعداء اﻹسلام حوله".
وقال آخر: "كان عالماً مغمورا، ولم يرغب بالظهور، ولم يُستفَد منه كما ينبغي إلا قليل من طلاب العلم".
وقال سيد عبد الماجد الغوري:
 "كان رحمه الله أول مَن درَّس الحديثَ النبوي في جامعة هارفارد بأمريكا.
وأوّل مَن قام بتطويع الحاسوب الآلي (كمبيوتر) لخدمة الحديث النبوي.
 وأول مَن كشف عن "صحيحَ ابن خزيمة" وقام بتحقيقه.
 وأول مَن قام بدراسة علمية قيمة حول تدوين الحديث النبوي وتاريخه".

خامسا: وفاته:
 توفي في يوم اﻷربعاء، الثاني من ربيع الثاني سنة(1439)، ودفن في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، رحمه الله رحمة واسعة.

د. عبد السميع اﻷنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية

السبت، 16 ديسمبر 2017

[يصدر قريبا إن شاء الله:] الجامع الصغير في الفقه على مذهب أحمد، لأبي يعلى الفراء، ت: أبي جنة الحنبلي

[يصدر قريبا إن شاء الله:] الجامع الصغير في الفقه على مذهب أحمد، لأبي يعلى الفراء، ت: أبي جنة الحنبلي


مجموعة المخطوطات الإسلامية

[يصدر قريبا إن شاء الله:] التلويح في السبع - مختصر في القراءات السبع- للحافظ الذهبي، ت: د. يوسف الردادي وتقديم: د. بشار عواد معروف

[يصدر قريبا إن شاء الله:] التلويح في السبع - مختصر في القراءات السبع- للحافظ الذهبي، ت: د. يوسف الردادي وتقديم: د. بشار عواد معروف

بسم الله الرحمن الرحيم

قال د. يوسف: (‏يصدر قريبا تحقيقي لكتاب: التلويح في السبع للحافظ الذهبي. ‏وهو كتاب مختصر في القراءات السبع، اعتمدتُ في تحقيقه على نسخة خطية فريدة بخط مصنِّفه، وقدمتُ بين يدي الكتاب دراسة موسعة حول عناية الحافظ الذهبي بعلم القراءات، وشرفتُ بتقديم كريم من أ.د. بشار عواد معروف. ‏اللهم تقبله وانفع به.).

د. يوسف بن مصلح الردادي
مجموعة المخطوطات الإسلامية

نُبْذة مختصرة عن أهمّية المعاجم للطَّبراني، وكتب البيهقِّيات، والفوائد المنتقاة، والمشيخات

نُبْذة مختصرة عن أهمّية المعاجم للطَّبراني، وكتب البيهقِّيات، والفوائد المنتقاة، والمشيخات

نظرًا لكون أصحاب هذه الكُتب من أهل الرِّواية وشأنهم في إيراد الأحاديث بمصنفاتهم متصلة بأسانيدهم، فقد وقع لهم جملة من عوالي كُتب السُّنة، والكثير من هذه المرويات انقطع اتصال سماع الكثير من الكتب التي اقتبس الرواية منها، ولم تَعد مسموعة في الكثير من الأمصار.

وتُعد هذه الكُتب منجمًا من مناجم السُّنة النبوية، حيث تحتوي على عوالي أحاديث أكابر المحدِّثين، وبها الكثير من الأجزاء والصُّحف الحديثية التي في عِداد المفقود، حتى أصبحنا نأخذ النَّص وكأننا نرى المصدر الذي استُقِي منه؛ وأخص «المخلصيات» لأبي طاهر مخلص الذَّهب من الغش، فيحوي أحاديث ومرويات الحافظ أبي القاسم البغوي، وكذا أحاديث ومرويات ابن صاعد، ويمكن الاستفادة منها في توثيق وضبط ما وصلنا من تراث البغوي وهو كثير؛ خاصة ما رواه من النُّسخ الحديثية، فهو مكثر جدًا من رواية النُّسخ والصحف الحديثية.

وأخص أيضًا «الخِلعيات» للخِلعي ففيه أندر مرويات أساطين السُّنة؛ عَبْد الله بن وهب، وسُفيان بن عيينة خاصة ما رواه عنه علي بن حرب الطَّائي، وسَعدان بن نصر، وبعضه أجزاء حديثة كاملة، وكثيرًا ما يقول الذَّهبي في «نبلائه»: «فلان وقع لنا جملة من عالي حديثه في الخِلعيات»، «فلان وقع لنا عواليه في الخِلعيات»، والحافظ الضِّياء المقدسي وغيره جرد مرويات ابن عُيينة من «الخِلعيات» وأطلق عليها «حديث سفيان بن عيينة»، وحرص على تسميعه.

وأيضًا «المَشْيخة البغدادية» لأبي طاهر السِّلفي ويُعد من مناجم السُّنة فيحوي كتب وأجزاء كاملة وفيه نسخة كاملة لـ «رسالة أبي داود إلى أهل مكة»، ونفائس الأجزاء الحديثية الكاملة.

وكل من ينظر إلى كُتب المتأخرين على كونها لم تأت بجديد، ومحال وجود حديث صحيح تفردت به؛ فهو لم يستوعب فوائد هذه الكتب، فأصحابها لديهم جملة ضخمة من مرويات كتب السُّنة فيتم انتقاء هذه المرويات وحفظها في هذه الكتب.

وكل من يَزعم أن الطَّبراني، والبيهقي والخطيب البغدادي وابن عساكر وغيرهم ينفرد بأحاديث وهذه الأفراد ضَعيفة أو غريبة فلم يستوعب أن هؤلاء لا أفراد لهم بل هي مرويات من كتب السُّنة التي وصلنا بعضها وفُقد بعضها، ويرجع هذه الاعتقاد للجهل بالمصارد الأصلية المقتبس منها الرواية، فالطبراني يروي في «معجمه الأكبر» الكثير من أمات كتب الرواية كـ «مصنف عبد الرزاق»، رواية الدبري. 

وأين «السُّنن» ليوسف بن يعقوب القاضي الذي يُكثر البيهقي الاقتباس منها؟! وكذا «المُسند» لأحمد بن عُبيد الصَّفار الذي يقول الذَّهبي بأن البيهقي أكثر الرواية منه، و«المُسند» لأحمد بن حازم بن أبي غرزة، و«المُسند» لأبي حامد بن بلال، و«الجامع الكبير» لسفيان الثوري، وغيره من الكتب التي سمعها البيهقي وحفظها لنا فالأولى أن يُقال أخرجه يوسف بن يعقوب القاضي ومن طريقه أخرجه البيهقي في كتاب كذا، وأخرجه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده ومن طريقه أخرجه البيهقي في كتاب كذا، ويصعب الحكم على هذه الأفراد بالضعف لأنه حكم بإهدار الكثير من المصنفات الحديثية التي وقعت لهم بالسماع وغير موجودة بيننا، ولا معروفة عندنا، ولعمري إن في انقراض هذه المسموعات وانقطاع اتصال سماعها ذهاب علوم جمة. هذا والله أعلم.


أبو شذا محمود النحال
[١٤:١٩، ٢٠١٧/١٢/٨] عبد الله بن سالم باوزير: ذِهاب الكثير من كتب النُّقاد مع تطاول الزمان ضعف أمر السلطان، واستيلاء ذوي العبث والفساد على أهل تلك البلاد

أيظن أن غاية كتب النُّقاد هي العلل عن الإمام أحمد بروايته المتعددة، والتَّورايخ عن ابن معين، والعلل لابن أبي حاتم، والدَّارقطني؟!
هناك ألوف المجلدات من كتب النُّقاد فقدت في عصور متقدمة جدًا جراء النَّكبات التي حلت على البلاد.
وصلنا مجموع فريد لا نظير له في الدُّنيا بخط البهنسي، وعليه خط الدَّاودي تلميذ السيوطي، وتقييدات طويلة بخط السخاوي، وقيود قراءة للمظفري محمد، وهذا المجموع به الكثير من كتب النقاد، وليس لهذه الكتب نسخة ثانية في الدُّنيا، وعندما أتخيل ضياع مثل هذا المجموع؛ أتخيل كارثة بكل ما تعينه الكلمة، ولكن الله سلم.

ولمعرفة المأساة الحقيقة راجع «جزء فِيه تسمية ما ورد به الشَّيْخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي دمشق من الكتب من روايته…»: منسوب لمحمَّد بن أحمد بن محمَّد المالكي، الأندلسي؛ لتقف على عشرات كتب النقاد التي ورد بها الخطيب دمشق وفقدت عبر العصور كـ: «الضعفاء» لعلي بن المديني، و«الضعفاء» للفلاس، و«العلل» للفلاس، و«العلل» ليحيى القطان، و«العلل» لأبي زرعة الرازي، و«العلل» لأبي بكر الأثرم.
أين «كتاب العلل» لإبراهيم الحربي؟! وأين «المسند الفحل» ليعقوب بن شيبة؟!
أين كتب فيلسوف هذه الصنعة وطبيبها، ولسان طائفة الحديث وخطيبها علي بن عبد الله المديني؟!
أتخيل حجم المأساة لولا أن الله قدر بإجازة محمد بن حِبان البستي كتبه للإمام أبي الحسن الدارقطني؛ لنقطع سماع كتب ابن حبان، وعمت البلوى!
انظر كلام إمام النُّقاد محمد بن عبد الله الحاكم في الإمام النَّسائي وأن من نظر في كتابه السنن تحير من حسن كلامه، ونص الحاكم بأن هذا الكتاب ليس بمسموع عندهم أي: انقطع اتصال سماعهم للكتاب!
راجع طرر النُّسخة الفريدة من «كتاب الدُّعاء» للطبراني؛ وانظر ما فيها من الفوائد والنقول الغريبة عن كتب النُّقاد التي لم نسمع بها أصلاً؟!

انظر قول الذَّهبي: فنون التَّواريخ التي تدخل في تاريخي «البحر المحيط» وسَرَدَها فكانت أمراً عجباً. لذا قال مُغلطاي: «التَّواريخ لا تحصى كثرة، وإن شخصاً واحداً حاز نحواً من ألف تصنيف فيه». وأخبرني بما وصلنا من كتب التَّورايخ؟!
انظر مغلطاي عندم انتقد المزي في اعتماده على نقل أخبار مقتل الحسين بن علي من تاريخ ابن عساكر، ونقده له: «ولو أردنا استيعاب أخباره وقصة مقتله لأربينا على ما كتبه ابن عساكر فضلاً عما لخصه المزي من كتابه ولم يعده؛ فإن عندنا بحمد الله من أخباره المفردة التي لم ينقل ابن عساكر منها شيئا «مقتل الحسين» لابن أعثم ولهشام بن محمد بن السائب في سفرين كبيرين، ومن الأجزاء الصغار عدة أجزاء، وإنما ضربنا عن ذكرها لشيوعها عن ألسنة العوام فضلا عن الخواص». 
أخبرني بالشَّائع منها في عصرنا؟! ثم انظر تسمية ما ورد به الشَّيْخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي دمشق من الكتب من روايته. لتقف على أكثر من ثمانية وعشرين تاريخًا ورد بها الخطيب بغداد، والكثير منها لم نره بأعيينا إلى اليوم ولا في النوم؟!

وحتى لا أطيل أختم لك بما ختم به الخطيبُ البغدادي «كتاب الجامع»: 
هذه تسمية كتب سبق المتقدمون إليها، ونستحب لصاحب الحديث أن يُخّرِّج عليها 
… قال محمد بن صالح الهاشمي: هذه أسامي مصنَّفات علي بن المديني: 
كتاب الأسامي والكنى ثمانية أجزاء. 
كتاب الضعفاء عشرة أجزاء. 
كتاب المدلِّسين خمسة أجزاء.
 كتاب أول مَن نظر في الرجال وفحص عنهم جزء.
 كتاب الطبقات عشرة أجزاء.
 كتاب مَن روى عن رجل لم يره جزء.
 علل المسند ثلاثون جزءً.
 كتاب العلل لإسماعيل القاضي أربعة عشر جزءً.
 علل حديث ابن عيينة ثلاثة عشر جزءً. 
كتاب مَن لا يحتجُّ بحديثه ولا يسقطُ جزءان. 
كتاب من نزل من الصحابة سائر البلدان خمسة أجزاء. 
كتاب التاريخ عشرة أجزاء. 
كتاب العرض على المحدث جزءان. 
كتاب من حدَّث ثم رجع عنه جزءان. 
كتاب يحيى وعبد الرحمن في الرجال خمسة أجزاء. 
سؤالاته يحيى جزءان. 
كتاب الثقات والمتثبتين عشرة أجزاء. 
كتاب اختلاف الحديث خمسة أجزاء. 
كتاب الأسامي الشاذة ثلاثة أجزاء.
كتاب الأشربة ثلاثة أجزاء. 
كتاب تفسير غريب الحديث خمسة أجزاء. 
كتاب الإخوة والأخوات ثلاثة أجزاء. 
كتاب من يعرف باسم دون اسم أبيه جزءان. 
كتاب من يعرف باللقب والعلل المتفرقة ثلاثون جزءً. 
وكتاب مذاهب المحدِّثين جزءان.

قال أبو بكر الخطيب: وجميع هذه الكتب قد انقرضت ولم نقف على شيء منها إلا على أربعةٍ أو خمسةٍ حسب، ولعمري إن في انقراضها ذهاب علوم جمَّة، وانقطاع فوائد ضخمة، وكان علي بن المديني فيلسوف هذه الصنعة وطبيبها، ولسان طائفة الحديث وخطيبها، رحمة الله عليه، وأكرم مثواه لديه.
ومن الكتب التي تكثر منافعها إن كانت على قدر ما ترجمها به واضعها مصنفات أبي حاتم محمد بن حبان البستي التي ذكرها لي مسعود بن ناصر السجزي، وأوقفني على تذكرة بأساميها، ولم يقدر لي الوصول إلى النظر فيها، لأنها غير موجودة بيننا، ولا معروفة عندنا، وأنا أذكر منها ما أستحسنه؛ سوى ما عدلتُ عنه واطَّرحته، فمن ذلك: 
كتاب الصحابة خمسة أجزاء.
كتاب التابعين اثني عشر جزءً.
كتاب أتباع التابعين خمسة عشر جزءً.
كتاب تبع الأتباع سبعة عشر جزءً.
كتاب تباع التباع عشرون جزءً.
كتاب الفصل بين النقلة عشرة أجزاء.
كتاب علل أوهام أصحاب التواريخ عشرة أجزاء.
كتاب علل حديث الزهري عشرون جزءً.
كتاب علل حديث مالك بن أنس عشرة أجزاء.
كتاب علل مناقب أبي حنيفة ومثالبه عشرة أجزاء.
كتاب علل ما أسند أبو حنيفة عشرة أجزاء.
كتاب ما خالف الثوريُّ شعبة ثلاثة أجزاء.
كتاب ما خالف شعبة الثوري جزءان.
كتاب ما انفرد به أهل المدينة من السنن عشرة أجزاء.
كتاب ما انفرد به أهل مكة من السنن خمسة أجزاء.
كتاب ما انفرد به أهل خراسان خمسة أجزاء.
كتاب ما انفرد به أهل العراق من السنن عشرة أجزاء.
كتاب ما عند شعبة عن قتادة وليس عند سعيد عن قتادة جزءان.
كتاب ما عند سعيد عن قتادة وليس عند شعبة عن قتادة جزءان.
كتاب غرائب الأخبار عشرون جزءً.
كتاب ما أغرب الكوفيون على البصريين عشرة أجزاء.
كتاب ما أغرب البصريون على الكوفيين ثمانية أجزاء.
كتاب من يُعْرف بالأسامي ثلاثة أجزاء.
كتاب أسامي من يعرف بالكنى ثلاثة أجزاء.
كتاب الفصل والوصل عشرة أجزاء.
كتاب التمييز بين حديث النضر الحداني والنضر الخزاز جزءان.
كتاب الفصل بين حديث منصور بن المعتمر ومنصور بن زاذان ثلاثة أجزاء.
كتاب الفصل بين حديث مكحول الشامي ومكحول الأزدي جزء.
كتاب موقوف ما رفع عشرة أجزاء.
كتاب آداب الرحالة جزءان.
كتاب ما أسند جُنادة عن عبادة جزء.
كتاب الفصل بين حديث ثور بن يزيد وثور بن زيد جزء.
كتاب ما جعل عبد الله بن عمر عبيد الله بن عمر جزءان.
كتاب ما جعل شيبان سفيان أو سفيان شيبان ثلاثة أجزاء.
كتاب مناقب مالك بن أنس جزءان.
كتاب مناقب الشافعي جزءان.
كتاب المعجم على المدن عشرة أجزاء.
كتاب المقلين من الشاميين عشرة أجزاء.
كتاب المقلين من أهل العراق عشرون جزءً.
 كتاب الأبواب المتفرقة ثلاثون جزء.
 كتاب الجمع بين الأخبار المتضادة جزءان.
كتاب وصف المعدل والمعدل جزءان.
كتاب الفصل بين أخبرنا وحدثنا جزء.
كتاب أنواع العلوم وأوصافها ثلاثون جزءً.
ومن آخر ما صنف كتاب الهداية إلى علم السنن قصد فيه إظهار الصناعتين اللتين هما صناعة الحديث والفقه يذكر حديثًا ويترجم له ثم يذكر من يتفرد بذلك الحديث ومن مفاريد أي بلد هو ثم يذكر تاريخ كل اسم في إسناده من الصحابة إلى شيخه بما يعرف من نسبته ومولده وموته وكنيته وقبيلته وفضله وتيقظه ثم يذكر ما في ذلك الحديث من الفقه والحكمة وإن عارضه خبر آخر ذكره وجمع بينهما وإن تضاد لفظه في خبر آخر تلطف للجمع بينهما حتى يعلم ما في كل خبر من صناعة الفقه والحديث معا وهذا من أنبل كتبه وأعزها.
سألت مسعود بن ناصر فقلت له: أكل هذه الكتب موجودة عندكم ومقدور عليها ببلادكم؟ فقال: لا إنما يوجد منها الشيء اليسير والنزر الحقير قال: وقد كان أبو حاتم بن حبان سبل كتبه ووقفها وجمعها في دار رسمها بها فكان السبب في ذهابها مع تطاول الزمان ضعف أمر السلطان واستيلاء ذوي العبث والفساد على أهل تلك البلاد.
قال أبو بكر: مثل هذه الكتب الجليلة كان يجب أن يكثر بها النسخ ويتنافس فيها أهل العلم ويكتبوها لأنفسهم ويخلدوها أحرارهم ولا أحسب المانع من ذلك إلا قلة معرفة أهل تلك البلاد لمحل العلم وفضله وزهدهم فيه ورغبتهم عنه وعدم بصيرتهم به. والله أعلم.


أ.أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية

التنصيص على ما وقع بطرر الأصل من إلحاقات خشية وهم النساخ والمحققين بالإقحام على الأصل ما ليس منه

التنصيص على ما وقع بطرر الأصل من إلحاقات خشية وهم النساخ والمحققين بالإقحام على الأصل ما ليس منه

الحمد لله وحده،  وبعد 
وإن جرت عادة جُمهور المحققين على عدم التَّنبيه على اللحق الواقع بالأصول الخَطية، لكن الواقع العلمي يَشهد بأن هذا الصَّنيع مرجوح، وهناك حالات يكون التَّنبيه على اللحق من الأهمية بمكان عظيم، وثم الكثير من فُروق النُّسخ أو التَّعليقات المثبتة على طرر الأصل الخَطي ظنها النُّساخ من النَّص وأُقحمت به، وقد نبّه العديد من المتقدمين على ذلك لا سيما الخطيبُ البغدادي في «كتاب الموضح لأوهام الجمع والتفريق».

وأزعم أن جوتهلف برجستراسر من أوائل -وهو صاحب أقدم دراسة عربية محدثة في موضوع تحقيق النصوص- من نبه على هذه الظاهرة في محاضراته التي ألقاها في جامعة القاهرة سنة (1932)، وأتى على ذلك بالعديد من الأمثلة.

وظاهرة إقحام النَّاسخ لما وقع على طرر الأصل من فروق نسخ فيظن الناسخُ أنها استدراك يجب إدخاله في المتن، إذا وضعه المحقق في الاعتبار أثناء التحقيق فإنه يُفيد في إخراج النص بشكل متقن، ويخلصه مما شابه من إقحامات، وقد نبهت على بعض المواضع في تحقيق «كتاب الخلافيات» منها الرواية رقم (486).

وثم الكثير من الكتب المطبوعة شابها العديد من الإقحامات على نص المصنف لكون المحقق ظن أن المثبت على طرر الأصل لحق يَجب إدخاله في نص المصنف، ولما أغفل المحقق التنبيه على ذلك كما جرت العادة خفي على القارئ هذا الأمر، وأذكر طرفاً ليستدل به على ما بعده:

الجزء السَّابع المطبوع من «الإكمال» لابن ماكولا، وهو من الأجزاء التي لم يعتن بها الشيخ المعلمي، والنسخة الطولونية المعتمدة في المطبوع منقولة عن نسخة الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، وكان قد طررها بعشرات النقول عن الكتب المؤلفة في الرسم، ورقم على كل طرة برمز صاحب الكتاب، وقد رمز لكتاب «مشتبه النسبة» لابن الفرضي بالرمز (ض)، وقد أثبت الشيخ المعلمي هذه الطرر بحاشية المطبوع، لكن محقق الجزء السَّابع أقحم هذه الزوائد على أصل كتاب الأمير ابن ماكولا دون أدنى تنبيه، وبعض هذه المواضع تصل لعشرات التراجم!

وأيضًا من الكتب التي حصل بها إقحام من قبل المحققين الجزء الثالث من «التاريخ الكبير» للبخاري حيث أُقحم به العديد من النصوص المطررة بأصل نسخة أحمد الثالث، وقد نبه محقق الجزء الثالث من «التاريخ» على كون هذه الزيادات من طروق النُّسخ على حد تعبيره، وأقحم تراجم كاملة من طرر أصل نسخة أحمد الثالث، وهذه التراجم سبق ترجمتها فوهّم بعض المعاصرين -على بعض المنتديات العلمية- الإمام البخاري في كونه وقع في الجمع والتفريق، والشيخ المعلمي اعتنى بتصحيح «التاريخ الكبير»، والتعليق عليه ما عدا الجزء الثالث، وقد ساعده في ذلك جماعة من العلماء النَّدْوِيِّين.

وأيضًا «كتاب فتح الباب في الكنى والألقاب» لابن منده نسخته الخطية الفريدة مطررة بعشرات النقول عن «كتاب الأسامي والكنى» لأبي أحمد الكبير، وقد أقحمها المحقق على نص ابن منده؛ ظنها لحقًا يجب إدخاله بالأصل، وقد سبقني بعض الأفاضل في التَّنبيه على إقحامات كتاب ابن منده.

وأيضًا «جزء حديث الحُسين بن عيَّاش» المطبوع باسم «جزء هلال الحفار» وقفت على إقحامات بالنص المحقق كانت عبارة عن فروق نسخ بطرر الأصل ظنها المحقق لحقًا يجب إدخاله في الأصل، منها الرواية رقم (97)، وقد أقحم فيها نقلاً عن طرة الأصل قوله: «عن شعبة، عن محمد بن حجادة»، وقد نبهت على ذلك في تحقيق «الخلافيات» الرواية رقم (5200) بما نصه: «هنا في المطبوع من «جزء هلال الحفار» زيادة: «عن شعبة، عن محمد بن حجادة»، وبالرجوع إلى المخطوط منه نسخة برنستون (ق15/ب) وجدت هذه الزيادة عبارة عن لحق على هامش الأصل بخط مغاير ولم يرمز له بصح، فظنها المحقق من النص فأدرجها، والله أعلم».

وهناك الكثير من نُسخ بعض الكُتب التي صارت تفرقت في الأمصار وقع فيها إقحامات كثيرة من النُّساخ، مثاله:

«كتاب الكمال في أسماء الرجال» للحافظ عبد الغني المقدسي، فقد شاب النَّص العديد من إقحامات النُّساخ، ولا يُمكن تلخيص نص المصنف إلا بالرجوع إلى النُّسخ العتق، والحافظ مُغلطاي كان لديه الكثير من النُّسخ العتق كنسخة الحافظين: أحمد بن محمد المقدسي، والصريفيني، وأصلين آخرين، وكان يرجع إلى مسودة المصنف التي رأها عند شيخه عبد الكريم.

وتعقب أشياء على أبي الحجاج المزي مثل قوله في ترجمة: «(د، س): حشرج بن زياد الأشجعي»: كان فيه -يعني الكمال- النخعي. وهو خطأ. فرده مغلطاي، وقال: «فيه نظر، من حيث إن باب حشرج ساقط في عدة نسخ من «كتاب الكمال» العتق؛ فعل الشيخ رآه في كتاب جديد غير منقح».

ونص محقق «كتاب الكمال» أن مما زاده النُّساخ بطرر الأصل نُقول على «كتاب الثقات» لابن حبان، وهو ليس من مصادر الحافظ عبد الغني في كتابه فلا يَنقل عنه إلا نادرًا. كذا قال المحقق -حفظه الله- وأول القول يتعارض مع آخره.

ومن النُّسخ التي يُستعان بها على تخليص نص «كتاب الكمال» من إقحامات النُّساخ نسخة عبد الله الحلبي المؤرخة في العشرين من شهر شوال سنة تسع وسبعين وستمائة، وتُعد من أقدم نسخ «الكمال»، وقد قابلها العلامة ابن الحسباني على نسخة الحافظ شهاب الدين ابن فَرْح، وكتب ما عليها من الفوائد…، وصارت عمدة يُعتمد عليها، ويُرجع إليها، ويُعول عليها. ولم تعتمد بالمطبوع.

وهناك أيضًا إقحامات في بعض أصول «تقييد المهمل» للغساني، نسخة مكتبة الأوقاف ببغداد رقم (1061)، وقال الطابع: «تنفرد هذه النسخة بزيادات كثيرة في النص، ولعلها كانت في الأصل المنسوخ عنه تعليقات وحواشي، فجعلها الناسخ من صلب الكتاب… ومما يؤكد أنَّ هذه الزيادات ليست من المؤلف أنَّ فيها نقولاً عن «كتاب الإكمال» لابن ماكولا (ت475)». انتهى.

وأيضًا بعض نُسخ «كتاب المؤتلف والمختلف» لعبد الغني الأزدي، وقد نبه عليه طابع نشرة دار الغرب الإسلامي، بيروت.

ولم يقتصر فعل النُّساخ على إقحام بعض فروق النُّسخ التي على طرر الأصل، أو تعليقات بعض من تملكه، فقد وصلت إلى إقحام زوائد راوي الكتاب عن المصنف في أصل النَّص، وقد استظهرت ببعض النُّسخ العتق من «كتاب السنن» لابن ماجه، وهي بخط أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد الأسدآباذي. فوجدت زوائد أبي الحسن القطان راوي «السنن» كُتبت بطرر النُّسخة، بخلاف النُّسخ الأخرى فقد أُقحمت في صلب النَّص ومُيّزت في بعضها بعلامة الحمرة، وهذه الزوائد يسهل تخليصها من النص المصنف، وذلك عن طريق النَّظر فيما أسنده القطان عن غير ابن ماجه.

وتخليص زوائد رواة الكتب من الأهمية؛ لأن الكثير من المصنفين ألحقوا بعض الوهم بالمصنف ظنًا منهم أن  هذه الزوائد من أصل كلام المصنف.. والله أعلم.


أ.أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية

نُبذة مختصرة للتَّعريف بالإبرازة الأخيرة من نسخة الحافظ ابن حجر (ت852هـ) من «كتاب تهذيب التهذيب»

نُبذة مختصرة للتَّعريف بالإبرازة الأخيرة من نسخة الحافظ ابن حجر (ت852هـ) من «كتاب تهذيب التهذيب»

إنَّه الشِّهاب الذي نجومُ تصانيفه مُشرقةٌ في ظلمة كل إشكال، ولمَّا خشينا مِنَ الجهل برجال الحديث، بادَرَ إلى الاحتفال بأسماء الرجال. 
وهو بحمد اللَّه نتيجةُ هذا العصر، وصاحبُ المقدمة، وبه حصل التَّغليق، وفزنا بالتوفيق، وهمنا إليه بالتَّشويق، فأكرِم بها مكرمة، ولقد تميز عندنا بتقريب الغريب، وقلنا: لا ينكر ذلك لِمَن جُبِلَ على تهذيب التهذيب(1).

يُعد كتاب «تهذيب التهذيب» للحافظ ابن حجر من الكتب المميزة، وقد سلك منهجية معينة في الإفادة من الجمع بين كتابي «تهذيب الكمال» للحافظ المزي، و«إكمال تهذيب الكمال» للعلامة مغلطاي، وقد أوضح في مقدمته أن إفادته من كتاب مغلطاي مميزة بعد عبارة «قلتُ» التي ترد عادة آخر الترجمة في «تهذيب التهذيب»، وهو ينتقي الكثير من فوائد كتاب مغلطاي دون استيعاب.

وقد صرح بعدم تقليده في شيء مما ينقله، وإنما استعان به في العاجل، وكشف الأصول التي عزا النقل إليها في الآجل، فما وافق أثبته، وما باين أهمله، ولو لم يكن في هذا المختصر -أي: تهذيب التهذيب- إلا الجمع بين هذين الكتابين الكبيرين في حجم لطيف لكان معنى مقصودًا، هذا مع الزيادات التي لم تقع لهما، وكان انتهاء تبيضه في سنة سبع وثمانمائة وظل الحافظ يضيف ما يتجدد له قرابة 40 سنة.

وقد كثرت نسخ الكتاب وسارت به الركبان، وكان من أعظم نسخه النسخة التي خطها المؤلف بخطه والتي وصفها السخاوي بأنها بخطه كسلاسل الذهب وحرص تلاميذ الحافظ ابن حجر على انتساخه، فهذا العلامة السخاوي يقول: «وقد بيضت منه نسخة في خمس مجلدات، وأخرى في ستِّ». 

وهناك نسخة ابن قمر الناسخ المجود وقد أجازها له الحافظ بخطه، وهي المحفوظة في جامعة برنستون.

ونسخة حماد بن عبد الرحيم، المعروف كسلفه بابن التركماني. ونسخة العلامة المفنن البرماوي، والقطعة التي كتبها الناسخ المكثر البدر البشتكي وقد وقفت عليها وتزدن بخط ابن حجر .

وهناك النسخة الفاتنة التي كتبها العلامة عمر ابن فهد المكي تلميذ الحافظ ابن حجر، ولما علم أن أصل شيخه ابن حجر من تهذيب التهذيب قد تجدد فيه من الزِّيادات والتَّعقُّبات والاستدراكات مما لعله لو جرد لكان قدر مجلد، كتب رسالة لشيخه يلتمس منه القدوم لمكة لإلحاق المتجدِّادت المذكورات وأنه جهز له صُرَّة ذهبًا. 

ونسخة ابن فهد قد وقفت على مجلدين منها، وأولها وآخرها بخط الحافظ ابن حجر، وقد ألحق له جل المتجدِّادت المذكورات بخطه على هوامش النسخة، وعلى ظهرها خط السخاوي وغيره، وبعد تجدد كتابة هذه السطور وقفت على مجلد ثالث من نسخة العلامة ابن فهد.

وقد أبان العلامة السَّخاوي عن طرائق شيخه الحافظ ابن حجر في تمييز ما يتجدد له في تصنايفه بالحمرة فقال: «كان في كثير من أوقاته يميز ما يتجدد له في تصانيفه بالحمرة، لتيسر إلحاقه لمن كتبه قبل».

فجال في خاطري النَّظر فيما زاده ابن حجر بالحمرة في أصله من «تهذيب التهذيب» نسخة مكتبة الولي، وهو مما تجدد له على مدار سنوات عديدة من البحث والتحرير.
وبعد النظر في عشرات المواضع المكتوبة بالحمرة ظهر لي أهم المصادر التي استعملها الحافظ في إضافة ما تجدد له، ثم وقفت على تقييد بخطه فيه التنصيص على كافة ما تجدد له، وأنه قد كتب من هذا الكتاب غير نسخة، ثم إنه في زمن الاشتغال ألحق فيه أشياء كثيرة تظهر من هوامش هذه النسخة، وأنها نسخة الأصل فمن ظفر بها ممن له نسخة من هذا المختصر فليلحقها لأنه ألحق فيها تراجم كثيرة جدا في سنة ست وسبع وأربعين.

وأن معظمها ممن جرى ذكره في كتاب الزهرة، وألحق أيضًا من ذكره صاحب الكمال وحذفه المزي، لكونه لم يقف على روايته مع احتمال وجودها فأورد تراجمهم احتياطًا، وألحق من ذكرهم الترمذي حيث يقول: وفي الباب عن فلان وفلان أثناء كلامه في علل الأحاديث، وألحق من السنن الكبرى للنسائي جماعة روى عنهم أغفلهم المزي لكونه بنى على رواية ابن حيويه تبعا لابن عساكر، وأنه ألحق من رواية الأسيوطي وغيره جماعة، والذين ألحقهم من رواية ابن الأحمر أضعاف ذلك، ويرجو إذا تم ذلك أن يجرد جميع ما زاد على التهذيب في هذا المختصر في كتاب مفرد يكون ذيلًا عليه، ينتفع به من له نسخة من هذا التهذيب.

قلت: وهذه الأمنية قد تحققت في عصر الحافظ وقد قام بها بعض تلاميذه بارشاده فيما ذكره السخاوي في الضوء. 

وأبز هذه الزيادات تراجم من كتاب الزهرة، وقد اعتمد الحافظ ابن حجر في ذلك على نسخة بخط الحافظ أبي العباس ابن الظاهري كانت في ملك شيخه الحافظ الحسيني، ورغم كون العلامة مغلطاي كان يكثر النقل عن هذا الكتاب في «إكمال تهذيب الكمال» إلا أن الحافظ ابن حجر كان يهمل ذكر كلام صاحب الزهرة في الترجمة ويرجع ذلك لكون حصول الحافظ بأخرة على كتاب الزهرة فحتى سنة ست وثلاثين وثمانمائة لم يكن ظفر به وشرط الحافظ مراجعة أصول مغلطاي كما تقدم. 

وأبز هذه الزيادات ما ألحقهم من «السنن الكبرى» للنسائي، رواية ابن الأحمر، وقد ظفرت بأصل سماعه من «النسائي الكبرى» قرأه على أبي الطاهر ابن الكويك في عشرة مجالس كل مجلس منها أربع ساعات.
وهذا الأصل بخط عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد، المعروف بابن الفصيح، كتبه ابن الفصيح من أصل سماعه على الشيخ العالم القدوة المسند المحدث الثقة أبي عمرو المعروف بابن المرابط، وهو أصل معتمد عليه مضبوط مقابل موثوق به، وأخبر الشيخ أبو عمر المذكور أنه كان حاضرًا وقت سماعه، وهو بخط العالم الأديب الفاضل المحدث شمس الدين محمد بن علي بن عيسى الوطاطي رحمه الله، وبه كانت المقابلة مقابلة ضبط وتثبت حرفًا فحرفًا، وحركة فحركة، وسكونًا فسكونًا على حسب ما أدرى إليه توفيق الله تعالى، وكان فراغ ابن الفصيح من كتابته لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بدمشق المحروسة.

وأبرز هذه الزيادات ما ألحقه من الضعفاء الكبير للعقيلي، وهو عبارة عن كثير من أقوال العقيلي في الجرح والتعديل، وتراجم كاملة، ويرجع ذلك لوقوف الحافظ ابن حجر بحلب حين قدمها سنة (836هـ) على نسخة عتيقية وهي الأصل الذي عثر عليه بالزاوية العثمانية، بمدينة طولقة، التابعة لولاية بسكرة من صحراء الجزائر، وهو بخط وسماع إبراهيم بن جعفر بن هارون الشاشي، كتبها بين سنتي إحدى وثمانين، واثنتين وثمانين وثلاثمائة وقرئت على راويها الحافظ ابن الدخيل الصيدلاني سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. 

ونسخة الحافظ ابن حجر من ضعفاء العقيلي كانت مختصرة ومطررة ببعض التراجم المنقولة من كتب الضعفاء، وبعض هذه الطرر اعتمدها ابن حجر في تراجم لسان الميزان، وعزاها لضعفاء العقيلي وبعضها ليست منه وهي قليلة جدًّا.

وأبرز هذه الزيادات إضافة الكثير من التحريرات على بعض تراجم الصحابة الذين في صحبتهم نظر ويرجع ذلك لجهده الرائع الذي بذله في كتاب الإصابة فقد حرر تراجم الكثير منهم ثم استفاد من هذه الجهود بضمها للإبرازة الأخيرة. 

وأبرز هذه الزيادات الرجوع لكتاب الموضح للخطيب، وقد استفاد منه  في التراجم المدلسة في لسان الميزان، والمطالع لنسخة ابن قمر من اللسان يقف على تغاير مادة الترجمة فبعض هؤلاء الرواة أثبتهم الحافظ في اللسان وحكم عليهم بالجهالة وعندما طالع الموضح بان له أمرهم ونسخة ابن قمر حافلة بطرر الحافظ ابن حجر والكثير منها بالحمرة وهو مما تجدد له وكتاب الكنى من اللسان نسخة ابن قمر جله بخط ابن حجر. 

وقوفه على كتاب الضعفاء لأبي الفتح الأزدي، وكان من الكتب التي تفرد بها ابن الجوزي، ومغلطاي ينقل عنه بواسطة ابن الجوزي.

وأبرز هذه الزيادات نقل كلام الحافظ الذهبي في كل من ترجمه في الميزان من رجال الكتب الستة 
ورغم اعتناء الحافظ ابن حجر بكتاب الميزان للذهبي إلا أنه أضاف كلام الذهبي بأخرة ويرجع ذلك لوقفه على كتاب نهاية السول في رواة الستة الأصول للعلامة سبط ابن العجمي 
ومن محاسن هذا الكتاب نقل كلام الذهبي حرفيا من الميزان على كل ترجمة فأراد الحافظ أن يتضمن كتابه هذه الفائدة الجليلة.  والله أعلم 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر والدرر نقلا عن ابن حجة.


أ.أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية

نُبذة عن رواية أبي حامد التاجر عن أبي عيسى الترمذي

نُبذة عن رواية أبي حامد التاجر عن أبي عيسى الترمذي

رواية أبي حامد التاجر لـ «السنن» لأبي عيسى الترمذي بينها وبين رواية الْمَحْبُوبي تغايُر، خاصة في ألفاظ أبي عيسى الترمذي في الكلام على الأحاديث.

وهذا أمر حدث فيه جدال كبير، وإذا علِمنا أنه يرجع لتغاير الرواة عن أبي عيسى زال هذا الإشكال. 

وكذا في التَّمييز بين الرواة؛ فتجد في رواية المحبوبي، عن أبي عيسى: «حدثنا قُتيبة بن سعيد»، وفي رواية أبي حامد التاجر، عن أبي عيسى: «حدثنا قتيبة». 

وبها زيادات في بعض الأحاديث أورد بعضها الحافظ الْمِزِّي في «تحفة الأشراف»، ونسبها لرواية التاجر، وعزاها لكتاب المناقب من الجامع لأبي عيسى. 

وأبو حامد التاجر هو الراوي لـ «كتاب العلل الكبير» للترمذي الذي رتبه أبو طالب القاضي على كتب الجامع.

وقد وقفتُ على مجلدة كبيرة من رواية أبي حامد التاجر، وقارنتُ قسمًا كبيرًا منها على رواية المحبوبي؛ فتبيَّن لي المذكور أعلاه. 

وهذه الرواية لم تُعتمَد في أي طبعة لكتاب الجامع على حد علمي القاصر، وهذه المجلدة مُطرَّرة بـ «كتاب العلل الكبير» لأبي عيسى، يرمز عليها بـ (د)، ومطررة بتعليقات نفيسة على رجال الجامع لأبي عيسى، تم عزو بعضها للحافظ عمرو بن علي الفلَّاس، وكلام كثير في العلل منسوب لأبي زكريا يحيى بن مَعين. 

وأبو حامد صاحب الترمذي هو أحمد بن عبد الله بن داود التاجر المروزي، وترجمته عزيزة جدًّا، وقد ميزه الحافظ ابن عساكر على أنه أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، وقال: رحل إلى أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي فكتب عنه جملة من مصنفاته ... وذكر بعض طعون الحاكم فيه، وتبعه الذهبي على ذلك، وهذا وهم، أو يُحمل على أن أبا حامد أحمد بن عبد الله التاجر، وأبا حامد أحمد بن علي راويان اشتركا في الاسم والنسبة، وكذا في شيخهما.
هذا والله أعلم.


أ.أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية

نُبذة مختصرة عن «كتاب السُّنن الكبرى» لأبي عبد الرحمن النَّسائي (ت303هـ)، ورواياته، وبيان بالكتب المفقودة منه

نُبذة مختصرة عن «كتاب السُّنن الكبرى» لأبي عبد الرحمن النَّسائي (ت303هـ)، ورواياته، وبيان بالكتب المفقودة منه

فإن النَّسائي هو أحدُ أئمةِ الدُّنيا في الحديث، والمرجوعُ إليه في علم الصحيح والسقيم، وله شَرْطٌ في الصحيح رضيه الحفاظ، وأهل المعرفة(1).

وكتاب النسائيِّ أبدعُ الكتب المصنفة في السنن تصنيفًا، وأحسنها ترصيفًا، وهو جامعٌ بين طريقتي البخاريِّ، ومسلمٍ، مع حَظٍّ كبيرٍ من بيان العلل(2).

وبالجملة فهو كما قال الحافظ ابن حجر: «أقلُّ الكتب بعد «الصحيحين» حديثًا ضعيفًا، ورجلًا مجروحًا، ويُقاربُه كتابُ أبي داود، وكتاب الترمذي»(3). 

وقال الحاكم أبو عبد الله: «فأما كلام أبي عبد الرحمن على فِقه الحديث فأكثرُ من أن يُذكر في هذا الموضع، ومَنْ نَظَرَ في «كِتاب السنن» له تحير في حسن كلامه»(4).

وإذا عُرف هذا فقد روى «السنن» عن مصنفه جماعة:
كأبي بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن المُهَنْدس المصري، وأبي علي الحسن بن رَشيق العسكري، وأبي علي الحَسن بن أبي هِلال، وأبي القاسم حمزة بن محمد الكناني.
وابن النسائي أبي موسى عبد الكريم، وعليٍّ ابن الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي.
وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حَيُّويه، وأبي بكر محمد بن معاوية الأحمر.
وأبي الفضل مسعود بن علي بن الفضل البَجّاني، وأبي الحسن محمد بن عثمان بن أبي التمام، وغيرهم، وفي رواية كُلٍّ منهم ما ليس عند الآخر.

وقد قال أبو جعفر بن الزبير الحافظ: «أنَّ روايات النَّسائي تختلفُ اختلافًا كثيرًا، حتى قال شيخُنا أبو الحسن الغافقي: لولا أنَّ الإجازةَ تشتملُ على جميعها لعسُرَ اتصالُ السماع والقراءة. ومَنْ قال: قرأتُ أو سمعتُ كتاب النسائي ولم يُبين الروايةَ التي سمِع أو قَرأ فيها فقد تَجَوَّزَ في الّذي ذكره تجوزًا قادحًا في الرواية»(5).

الكتب المفقودة مما وصلنا من مخطوطات «السنن الكبرى»
قال الحجري: «وانفَردَ عبد الكريم عن أبيه بكتاب الطب، وكتاب الرقائق، وكتاب الملائكة»(6).

قلتُ: وكتاب الطب وصلنا من طريق عبد الكريم عن أبيه في نسخة مراد ملا. وكتاب الرقائق، وكتاب الملائكة في عِداد المفقود من كتب «السنن الكبرى».

وذكر الغساني: أن سماع ابن قاسم، وابن الأحمر واحد. غير أن في نسخة ابن قاسم كتاب الاستعاذة ولم يُرو عن ابن الأحمر. وأنه في رواية حمزة ومسعود البَجَّاني(7).

قلتُ: والنُّسخ التي وصلتنا من رواية حمزة ليس فيها كتاب الاستعاذة، وهُو في عِداد المفقود من كتب «السنن الكبرى».

وانفرد ابن حَيُّويه بكتاب الصُلْح، وهو أيضًا كتاب الشروط(8).
قلتُ: وهذا الكتاب في عداد المفقود من كتب «السنن الكبرى»، وقد أكثر المزي من العزو إليه في كتاب «تحفة الأشراف». 
وأما ما جاء في مقدمة طبعة التأصيل (1/ 136): «والظاهر أنه -يعني كتاب الشروط- من رواية ابن الأحمر...». فغير جيد.

وقد قِيل أنَّ رواية محمد بن قاسم، وابن الأحمر سواء لأن سماعَهُما كانَ في وقت واحد، غير أن نُسخة محمد بن قاسم دخلت الأندلس قبل نسخة ابن الأحمر بمُدة، وكذلك تُوفي محمد بن قاسم قبل ابن الأحمر بسِنِين عدّة فلذلك كَثُر الأحذُ لرِواية ابن الأحمر.

وقِيل إنَّ نُسخة محمد بن قاسم أتمُّ صحة، وأقوم ضَبْطًا، ورواية حمزة أكمل الروايات وأتمها، وأحسَنُها انتظامًا وسَرْدًا وفِيها أسماءٌ زائدةٌ على ما في رِواية ابن الأحمر وابن قاسم(9).

وقد أشار الحافظ ابنُ الزبير إلى أنَّ أصلَ السماع العتيق الذي كان بالأندلس من رواية ابن الأحمر وقَعَ فيه لحنٌ كثيرٌ، تركه على حاله من قُرأ عليه من أكابر العلماء، ومن قَرَأ فيه من أكابر العلماء والنقادين المعتمدين، وعلَّموا عليه مما يُشعر أنها الرواية، وأن الصَّواب خِلافه(10).

وقال السخاويُّ: «وجمعتُ في كراسة الأبوابَ التي اشتمل عليها كثيرٌ من روايات هذا الكتاب، ليعلمَ ما عندَ كُلٍّ منهم من الزيادة على الآخر»(11).
هذا والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «إكمال تهذيب الكمال» (1/ 57) نقلا عن ابن السمعاني في «الأمالي». 
(2) «القول المعتبر» للسخاوي (ص55) نقلا عن ابن رُشيد.
(3) «النكت على كتاب ابن الصلاح» (1/ 484). 
(4) «معرفة علوم الحديث» (ص282).
(5) «القول المعتبر» للسخاوي (ص63).
(6) «برنامج الحجري» (ق11 ب).
(7) المصدر السابق (ق10 ب).
(8) المصدر السابق (ق11 ب).
(9) المصدر السابق (ق10 أ)
(10) «القول المعتبر» للسخاوي (ص61).
(11) المصدر السابق (ص69).


أ.أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية

من الأصول العتق: جزء من الأصل العتيق من «السنن المأثورة» للدارقطني

من الأصول العتق
جزء من الأصل العتيق من «السنن المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»، تصنيف الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (ت358هـ).

كتب بآخر الجزء: «المكتوب من الحواشي بالحمرة فمنقول / منقول من خط أبي الحسن الدراقطني رحمه الله».

قلتُ: وهو الأصل الذي جرد منه ناصر الدين ابن زريق «من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن...»، والذي ينقل عنه الحافظ ابن حجر بعض كلام الدارقطني في «لسان الميزان»؛ وينسبه إلى حواشي السنن.

ولعله يُفيد في حسم بعض الخلاف الواقع حول كلام الدارقطني في بعض الرواة، خاصة ما نسبه ابن زريق من أقوال في «كتاب من تكلم فيه الدارقطني...» وخلت بعض نسخ «السنن» من هذه الأقوال.

وفِيه مزيد كلام لأبي الحسن حول اعلال بعض الأحاديث مثل حديث الزهري، عن سعد بن إبراهيم، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق فأمر بقطعه وقال: «لا غرم عليه». هذا وهم من وجوه عدة. السنن (3399).
فزاد على حاشية هذا الأصل: «ذكر الزهري فيه وهم، وقوله: ابن مخرمة وهم أيضًا». انتهى. والله أعلم.


أ.أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية

نسخة السراج ابن الملقن من المنتقى في الأحكام الشرعية للمجد ابن تيمية الحراني

نسخة السراج ابن الملقن من المنتقى في الأحكام الشرعية للمجد ابن تيمية الحراني

إن ابن الملقن كان عنده من الكتب ما لا يدخل تحت الحصر منها ما هو ملكه ومنها ما هو من أوقاف المدارس لا سيما الفاضلية،  ثم إنها احترقت مع أكثر مسوداته في أواخر عمره ففقد أكثرها،  وتغير حاله بعدها فحجبه ولده نور الدين إلى أن مات. فيما قاله تلميذه ابن حجر. 

وقد وفقني الله للوقوف على نسخة ابن الملقن من أحكام مجد الدين بن تيمية* الذي وصفها في البدر المنير، فقال:

أحكام الحافظ مجد الدين عبد السلام ابن تيمية،  المسمى بالمنتقى: هو كاسمه، وما أحسنه لولا إطلاقه في كثير من الأحاديث العزو إلى كتب الأئمة دون التحسين والتضعيف، يقول مثلاً: رواه أحمد، رواه الدارقطني، رواه أبو داود.

 ويكون الحديث ضعيفا، وأشد من ذلك: كون الحديث في جامع الترمذي مُبينا ضعفه، فيعزيه إليه من غير بيان ضعفه.

وينبغي للحافظ جمع هذه المواضع، وكتبها على حواشي هذا الكتاب، أو جمعها في مصنف لتكمل فائدة الكتاب المذكور.

وقد شرعت في كتب ذلك على حواشي نسختي، وأرجو إتمامه.

أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية

• من أخبار التــراث : "المدرسة النظامية وتاريخها" جمع وتأليف إسماعيل بن أحمد بن فرج الموصلي

• من أخبار التــراث :
"المدرسة النظامية وتاريخها"
جمع وتأليف إسماعيل بن أحمد بن فرج الموصلي
انتهى من كتابته سنة ١٣٦٢هـ ، وهو بخطه.


وسبب جمعه لهذا الكتاب كما ذكر في مقدمته :
أنه (( في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بعد الألف احتفل المصريون عن طريق الإذاعة بالمذياع (الراديو) بالأزهر الشريف بمناسبة مرور ألف سنة على بنائه .. )) ، فكان هذا دافعه لجمع كتاب في تاريخ المدرسة النظامية التي أنشأت في ذي القعدة سنة ٤٥٩هـ ..
والكتاب بعد أن أتمه ، ألحق فيه أشياء كثيرة ، ومثال ذلك أنه يقول : (( حاشية على ص٢١ س١٠ .. )) ، ثم يذكر الفائدة التي ألحقها .

والمؤلف هو إسماعيل حقي أحمد آل فرج الباقري الموصلي .
ولد في الموصل سنة ١٣١٠هـ ، وتوفي سنة ١٣٦٨هـ .
وهو باحث وشاعر ، قال الأستاذ محمد خير رمضان في "معجم المؤلفين المعاصرين في آثارهم المخطوطة والمفقودة وما طبع منها أو حقق بعد وفاتهم" :
(( رائد في الأناشيد القومية .
انتشرت موشحاته الوطنية وأناشيده في شمال العراق خاصة )) .
وذكر له كتابين ، هما :
١- كشف الغمامة في نجاة ما كتب على الرخامة .
٢- القضاء الإسلامي وتاريخه - الموصل .

وكتابنا هذا الذي ذكرنا مما يستدرك عليه ، ويضاف إليه .
وله كتاب آخر مطبوع ، بعنوان : "الآثار والمباني العربية في الموصل على ضوء النقد الحديث" .

وبعد هذه الإطلالة على هذا الكتاب وجامعه ، أسأل مشايخي الفضلاء : هل توجد في يومنا هذا مخطوطات كُتبت أو قُرأت في هذه المدرسة ؟
قد مَـنَّ الله علي بواحدة منها ، فله الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، وأسأل الله أن يكون هناك من وقف على غيرها فيتحفني بها ..

عندما تقف على مخطوطة كُتِبَت في مدرسة كهذه ، التي هي واحدة من أعرق مدارس الحضارة الإسلامية ، لا يسعك إلا أن تدع ما بيدك ، وتستلقي على ظهرك ، رافعاً مرساة فكرك ، مبحراً نحو تاريخ ( كوجه الحبيب ، وقلب الأديب ، وشعر الوليد بخط ابن مقله ) ..
لقد حوت هذه المدرسة خزانة كتب حافلة بنوادر المخطوطات ، كيف لا ، وقد كانت محط رحال العلم والعلماء ، عليها أوقفوا كتبهم ، وإليها أهدوا زبدة أفكارهم التي حوتها مؤلفاتهم !

بلغت مجلدات هذه الخزانة في أيام الإمام ابن الجوزي (ت ٥٩٧هـ) رحمه الله تعالى : نحو ستة آلاف مجلد ، إذ قال في كتابه "صيد الخاطر" :
(( ولقد نظرت في ثبت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية ، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد )) .
ثم زادت بالكتب التي نقلها الخليفة الناصر لدين الله ، وبالكتب التي أوقفها العلماء عليها ..
قال المؤرخ ابن الأثير في حوادث سنة ٥٨٩هـ :
(( فيها ، أمر الخليفة الناصر لدين الله بعمارة خزانة الكتب بالمدرسة النظامية ببغداد ، ونقل إليها من الكتب النفيسة ألوفاً لا يوجد مثلها )) .
وقال سبط ابن الجوزي في "مرآة الزمان" : (( وفيها بنى الخليفة داراً للكتب بالمدرسة النظامية ، ونقل إليها عشرة آلاف مجلّدة ، فيها الخطوط المنسوبة )) .
وهذا لا يعني أنه لم يكن هنالك خزانة قبل ذلك ، بل كانت هناك خزانة الكتب الأصلية ، وتسمى : دار الكتب العتيقة .

وإذا أردت أن تتعمق في معنى قوله : (( لا يوجد مثلها )) ، فاسمع ما يقوله عاشق الكتب الوزير جمال الدين القِفْطي في "انباه الرواة" ، عند حديثه عن كتب أبي العلاء المعري بعد أن ساق أسماء كتبه :
(( قلت : وأكثر كتب أبي العلاء هذه عُدمت ، وإنما يوجد منها ما خرج عن المعرّة قبل هجوم الكفار عليها ..
فأما الكتب الكبار التي لم تخرج عن المعرّة فعدمت ، وإن وجد شيء منها فإنما يوجد البعض من كل كتاب .
فمن ذلك كتاب "الأيك والغصون" ، ولم أجد أحداً يقول رأيته ، ولا رأيت شيئاً منه ، إلى أن نظرت في فهرست وقف نظام الملك الحسن بن إسحاق الطوسي الذي وقفــه ببغـــداذ ، فرأيت فيه كتاب "الأيك والغصون" ثلاثة وستين مجلداً )) .

وفي "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي : أن عبدالسلام بن بندار القزويني (ت ٤٨٨هـ) : (( أهدى إلى نظام الملك أربعة أشياء لم يكن لأحد مثلها : غريب الحديث لإبراهيم الحربي ، بخط أبي عمر بن حيويه في عشر مجلدات ، فوقفه نظام الملك بدار الكتب ببغداد .. )) .

ومن الذين أوقفوا كتبهم عليها العلامة ابن النجار رحمه الله تعالى ، كما ذكر الحافظ ابن كثير ، فقال : (( وقف خزانتين من الكتب بالنظامية ، تساوي ألف دينار )) .

قال كوركيس عوّاد في "خزائن الكتب القديمة في العراق" ص١٥١ :
(( إن هذه الخزانة الحافلة التي ازدانت بها المدرسة النظامية ، قد تشتت شملها ، وتبعثرت كتبها بتوالي الأحداث عليها ، فلسنا نجد اليوم في خزائن الكتب المفهرسة ، شيئاً من بقايا كتب هذه الخزانة المندثرة )) .

فمن وقف على شيء فليتحفنا به مشكوراً مأجوراً ..

نسيت نفسي فأطلت ، وأرجو أن لا أكون قد أمللت ، فإن المحب إذا وصف حبيبه أطال ، وشابه في هذره الأطفال ، فأحرى بالمستمع أن يرحمه ، ويقيل عثرته ..




أ. شبيب العطية
مجموعة المخطوطات الإسلامية

[جديد إصدارات مشايخ المجموعة:] نصائح الإمام الخريشي إلى ولاة أمور المسلمين، ت: بشير بركات، يوسف الأوزبكي

[جديد إصدارات مشايخ المجموعة:] نصائح الإمام الخريشي إلى ولاة أمور المسلمين، ت: بشير بركات، يوسف الأوزبكي

(شرح الغلاف: صورة جامع الحنابلة ومحرابهم في المسجد الأقصى المبارك وهو في الرواق الغربي وتظهر من خلفه منارة باب السلسلة، وهو الذي كان الخريشي أحد أئمته. والكتابة من أول وآخر  المخطوط وهو بخطه. أما الصورة الخلفية فهي خارطة لسنجق القدس من ولاية الشام.)

بسم الله الرحمن الرّحيم
وصف نصائح الإمام الخُرَيْشِي
هي كنز من كنوز بيت المقدس المخطوطة، وأثر نفيس من آثار الحنابلة في الفقه السياسي الإسلامي، ينم عن علم راسخ واطلاع واسع، وواقعية في معالجة الأمور النازلة، وفق الأدلة الشرعية والأصول الكلية الراسخة في ديننا الحنيف في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مع ملاحظة أحوال النفوس وأمراض القلوب، خطتها يد إمام الحنابلة في المسجد الأقصى المبارك، العلامة الفقيه القاضي: محمد الخُرَيْشِي؛ جعلها على خمس نصائح أو شكاوى رفعها إلى والي الشام العثماني: سليمان باشا بن قُبَاد باشا. 
النصيحة الأولى: في شأن الأعراب.
النصيحة الثانية: في شأن الصنجق، والصوباشية، واللاوندية، والثمارية.
النصيحة الثالثة: في شأن القضاة، ونواب القاضي.
النصيحة الرابعة: في شأن الرعية.
النصيحة الخامسة: في شأن اليهود والنصارى.
مميزات نصائح الإمام الخُرَيْشِي
1 – يبدأ كل نصيحة بنصوص الشرع الشريف من آيات الذكر الحكيم، وسنة سيد المرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يتبعها بأقوال أهل العلم، موضحًا للأصول والقواعد الكلية الشرعية المنبثقة عن النصوص.
2 – دقة وصفه للمنكرات، وسعة اطلاعه على التفاصيل، وعمق تحليله ومعالجته.
3 – تعتبر هذه (النصائح) من الوثائق التاريخية الفريدة: فقد ذكر كثيرًا من الأحداث بتفاصيلها مما لم يرد في أي من كتب التاريخ فيما يتعلق بالديار المقدسية وما حولها كالخليل وغزة والكرك والشوبك وعجلون ونابلس وقلنسوة وغيرها في القرن العاشر الهجري. فيستفاد منها في دراسة التقاسيم الإدارية، والأحوال الاقتصادية، والأعراف الاجتماعية، والحالة الأمنية، وغير ذلك.
4 – سهولة اللغة.
5 – استخدم الإمام الخُرَيْشِي كثيرًا من المفردات والتراكيب اللغوية الخاصة بالديار المقدسية، وبعضها ما زال منتشرًا في بعض المناطق إلى اليوم، مما قد يظن به البعض أنه من العامي.
6 – مع أنّ الإمام الخُرَيْشِي (حنبلي المذهب) إلا أنه ينقل أقوال أهل العلم من شتى المذاهب؛ فهذا يدل على سعة اطلاعه وثقافته العالية وعدم تعصبه، إلى جانب قدرته على استحضار الأدلة والشواهد في موضعها.
7 – الأدب الجمّ تجاه ولي الأمر سواءًا أكان الوالي أو السلطان، مع الجرأة في قول الحق ولو مست كلمته كبار الموظفين في الدولة.
8 – من خلال دراسة هذه (النصائح): تتجلى لنا سنن من سنن الله في المجتمعات كـ(عاقبة الظلم)، و(هلاك المفسدين)، وغير ذلك.

ملاحظات على (النصائح)
1 – استدلاله ببعض الأحاديث المكذوبة والضعيفة.
2 – استئناسه ببعض القصص الواهية.
3 – ركاكة التعبير في عدد من المواطن بشكل ملحوظ.

ونعتذر له كونه وجهها إلى الوالي التركي.

أ. يوسف بن محمد الأوزبكي
مجموعة المخطوطات الإسلامية

الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

ظاهرة دعاء "كبيكج" في المخطوطات الإسلامية

ظاهرة دعاء "كبيكج" في المخطوطات الإسلامية
=========================
بسم الله الرّحمن الرّحيم

إن للمخطوطات منذ القدم قيمة مادية ومعنوية كبيرة عند أصحابها، وكلما كان المخطوط يحمل مظهرا من مظاهر النّفاسة زادت قيمته عند صاحبه، وقد اعتنى المسلمون بمخطوطاتهم بأساليب عدة وطرائق شتّى، منها الشرّعي المعقول، ومنها الخرافيّ المنحول، ومما ظنّه الكثير طريقة لحفظ المخطوطات من الحشرات الضّارة خاصّة كالأرضة كلمة: "كبيكج"، الّتي هي كلمة غامضة عند الكثير من المتقدّمين والمتأخرّين، فمنهم من اعتقدها: "جنًّا" يحفظ الورق وإذا دُعيَ وكتب اسمه أول المخطوط كان حارسًا له من الأرضة وغيرها من الضّارات (1) -وهو الظنّ الأغلب فيما يبدو-، إلاّ أنّ الوارد في غير كتاب من كتب الطّب أنّ "كبيكج" نبتة تتكون منها أنواع منها: "كرفس البر"، قال ابن سينا: (كبيكج. الْمَاهِيّة: قَالَ ديسقوريدوس: أَنْوَاعه أَرْبَعَة نوع مِنْهُ يشبه ورق الكزبرة لكنه أعرض من وَرقهَا إِلَى بَيَاض وزهره أصفر وَقد يكون فرفيرياً إرتفاعه إِلَى ذراعين وجذره غير غليظ وَأَصله أَبيض وَله فروع تشبه فروع الخربق وينبت عِنْد الشطوط الْجَارِيَة المَاء وَنَوع مِنْهُ أكبر من ذَلِك وأطول جذراً مشطب الأوراق يسمّى كرفس الْبر وَآخر صَغِير جدا ذهبي اللَّوْن ورابع يشبه الثَّالِث إِلَّا أَن زهره أَبيض لبني. الطَّبْع: حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة. الْأَفْعَال والخواص: كلهَا حَار حاد مقرح جلاء قشار لذاع للجلد مُحَلل...) (2)، وكذا ذكره الرازي في الحاوي في الطب (3): 1/426، و6/344.
وقد تعددت الصيغ التي وردت بها هذه الكلمة في المخطوطات الإسلامية فمنها: (كبيكج -هكذا مجرّدة-، يا كبيكج، يا كيتكج، كيكتج -أو كلمة نحوها في المخطوطات المغربية خاصة-، يا كبيكج احفظ الورق، يا كبيكج امنع الأرضة ...) وفي المثال الّذي في المرفقات (4) كتب المُقَيّد: "يا كبيكج امنع الأرضة
يا كبيكج امنع الأرضة
يا كبيكج امنع الأرضة"
ومع ذلك فقد نالت الأرضة من المخطوط ولم يستطع "كبيكج" منع الأرضة لأنه ليس له ذلك، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)} [سورة فاطر: 13-17].
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) آدم كتشك، كبيكج في المخطوطات العربية، ترجمة: عصام الشنطي، مجلة تراثيات، العدد الثامن (جمادى الأولى 1427، يوليو 2006) ص: 88، دار الكتب والوثائق القومية، مصر.
(2) ابن سينا، الحسين بن عبد الله، القانون في الطب، وضع حواشيه: محمد أمين الضناوي، 1/521، ط: 1، 1420 - 1999، دار الكتب العلمية، لبنان.
(3) الرازي، محمد بن زكريا، الحاوي في الطب، ت: هيثم خليفة طعيمي، ط: 1، 1422 - 2002، دار إحياء التراث العربي، لبنان.
(4) المكتبة الوطنية الفرنسية BNF: Arabe 7232
(*) تنبيه: من أوّل من رأيت نبّه على كون "كبيكج" وكونها في الأصل نباتًا الدكتور رياض بن حسن الطّائي في مشاركة له بمجموعة المخطوطات الإسلامية وأرفق في مشاركته صورة للنبتة من مخطوطة الغالب أنّها في الطب أو الأعشاب فجزاه الله خيرا.
كتبه: ضياء الدّين جعرير
04 ربيع الأول 1439
مجموعة المخطوطات الإسلامية
#فهرسة_المخطوطات



بيان صحة ما جاء في الحديث الصحيح من سجود الشمس والرد على الطاعن في صحيح البخاري

🌹بيان صحة ما جاء في الحديث الصحيح  من سجود الشمس والرد على الطاعن في صحيح البخاري

عن أبي ذر رضي الله عنه: "كنت مع النبي ‏ﷺ ‏  ‏في المسجد عند غروب الشمس، فقال: 
يا‏ ‏أبا ذر ،‏ ‏أتدري أين تغرب الشمس؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى: ‏"والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم".
أخرجه البخاري في صحيحه، ومسلم وغيرهما وعند مسلم: "إن هذه ‏ ‏تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ..".

السجود في هذا الحديث له معنيان:

اﻷول: أن الشمس في سجودها هذا إنما تحاذي مركز باطن العرش فتكون تحته بهذا الاعتبار كما ذكره ابن كثير في البداية.
قال ابن عاشور: "وقد جعل الموضع الذي ينتهي إليه سيرها هو المعبر عنه بتحت العرش وهو سمت معيّن لا قبل للناس بمعرفته، وهو منتهى مسافة سيرها اليومي..".
الثاني: معناه الخضوع لعظمته؛ وهو من معاني السجود في اللغة كما في لسان العرب . 
 وهو المقصود في قوله تعالى: "ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس".

وبهذا البيان الواضح تسقط اﻷسطورة المفتراة من شبهة الطاعن المعثار الجديد في تجنيه على صحيح البخاري- أصح كتاب بعد كتاب الله - في كتابه نهاية أسطورة البخاري..
ويقال ﻷمثاله: كناطح صخرة يوما...
د. عبدالسميع اﻷنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية

تعليق د. نجم عبد الرّحمن خلف

أنماط الرؤية في المخلوقات متعددة ومتنوعة بالعين الباصرة وغيرها وكذا أساليب التعبير بالنطق وغيره  وكذا طرائق التلقي بالسمع وغيره وإذا قال فقد صدق الله وتبارك علمه وهو العليم الخبير 
وإذا قال رسوله صلى الله عليه وسلم وصح عنه القول فهو الحق والصدق والعلم وليس للمؤمن إلا التسليم والتعظيم والإجلال يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة.
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 
والسموات والأرض بالنسبة للكرسي إلا كحلقة مرماة في فلاة وما بين الكرسي والعرش مسيرة ..... أي آماد وأبعاد فتبارك الله رب العرش العظيم.
وقد ضرب الله مثلا لهؤلاء الجهلة الغافلين الضالين في سورة الرعد فقال سبحانه
ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال له دعوة الحق ...

جزى الله الأخ الشيخ الدكتور عبد السميع الأنيس على غيرته وصدق نصرته الخير العميم.

د. نجم عبد الرحمن خلف
مجموعة المخطوطات الإسلامية

من غرائب أخبار النساخين في اﻷندلس

🌹 من غرائب أخبار النساخين في اﻷندلس

ترجم ابن عبدالملك اﻷنصاري المراكشي المتوفى في تلمسان سنة (703) في كتابه الذيل والتكملة (3/575)
لمحمد بن أحمد بن عبد الرّحمن العُبَيدي الإشبِيلي، ابن البَنّاء.
وقد قال عنه: "كان حَسَنَ الخَط،ّ أنيقَ الطريقة في الوِراقة متقَنَ التقييد، رَتَّب على نفسِه وظيفةً من النَّسخ في كلِّ يوم لم يكنْ يَترُكُها على حال إلّا أن يَعُوقَه عن الوفاءِ بها عائقُ مَرَض أو سَفَر سوى ما يُعلِّقُه من الفوائد ويَقيِّدُه من الغرائب المُنتقاة سائرَ أيامِه، فقد كان كثيرَ الولوع بذلك شديدَ الرَّغبةِ في الاستكثارِ منه، حتّى إنه لَيُقالُ: إنه أخرَجَ معَه بخروجِه من إشبيلِيَةَ نحوَ خمسِ مئة مجلَّد بخطِّه".
 ثم قال: "وقد وقَفْتُ على نحوِ ستّينَ منها أو أزيَد"َ.

د. عبد السميع الأنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية

[من إصدارات مشايخ المجموعة:] كتاب تقريب الغريب لابن قطلوبغا دراسة وتحقيق: علم لإحياء التراث بإشراف: عبد العاطي الشرقاوي

[من إصدارات مشايخ المجموعة:] كتاب تقريب الغريب لابن قطلوبغا دراسة وتحقيق: علم لإحياء التراث بإشراف: عبد العاطي الشرقاوي
مجموعة المخطوطات الإسلامية

[من إصدارات مشايخ المجموعة:] الإمام الحافظ أبو بكر ابن مسدي الغرناطي ت: 663 هـ (حياته وآثاره) دراسة وتحقيق وجمع وتعليق: نور الدين الحميدي

[من إصدارات مشايخ المجموعة:]
الإمام الحافظ أبو بكر ابن مسدي الغرناطي ت: 663 هـ (حياته وآثاره) دراسة وتحقيق وجمع وتعليق: نور الدين الحميدي

مجموعة المخطوطات الإسلامية

يصدر قريبا إن شاء الله: تاريخ المكتبة الكتّانية لمالكها الإمام محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، تأليف: خالد بن محمد السباعي



مجموعة المخطوطات الإسلامية

متى ألف ابن الجوزي كتابه: "النور في فضائل الأيام والشهور"؟

🌴 متى ألف ابن الجوزي كتابه: "النور في فضائل الأيام والشهور"؟

لم أجدْ تاريخاً لتأليف الكتاب في النسخ الخطية الثلاث التي رجعت إليها.
ولكن يمكن القول: 
إنه كان قبل تأليف كتابه "الموضوعات من الأحاديث المرفوعات" الذي فرغ منه في ليلة الأربعاء (17) من ربيع الآخر سنة 572هـ كما جاء في آخره.
ذلك أنه أورد هنا –أعني في كتاب "النور"- عدداً من الأحاديث، ثم حكمَ عليها في كتابه "الموضوعات" بعدم الصحة. 

وكذلك هو متقدِّمٌ على كتابه "التبصرة" إذ قال فيه عن أحاديث كان قد أوردها في "النور": إنها لا تصح. 
وكان تأليف "التبصرة" بعد شهر ذي القعدة من سنة 575هـ لأنه ذكرَ فيه الخليفةَ الناصرَ لدين الله العباسي الذي ولي الخلافة في هذا التاريخ. 

وإنْ عكَّر على هذا أنه أورد في كتابه "المرتجل" الذي ألفه في واسط -أي بعد سنة (590)- أحاديثَ سبقَ منه الحكمُ بوضعها، فيدلُّ له أنه قالَ هنا في "مجلس عمل اليوم والليلة": 
"فإذا قُضيت الصلاة فليقل ... ويقرأ الفاتحة، وآية الكرسي، و(شهد الله أنه لا إله إلا هو) إلى قول الله تعالى: (سريع الحساب)، ويفعل ذلك عقب كل صلاة فريضة، فقد رُوي لذلك ثوابٌ عظيمٌ". 

وقد رجعَ هو عن هذا فقال في كتابه "الموضوعات" عن هذا الحديث: 
"هذا حديثٌ موضوعٌ تفرَّد به الحارث بن عمير.
قال أبو حاتم ابنُ حبان: كان الحارث ممَّن يروي عن الأثبات الموضوعات، روى هذا الحديث ولا أصلَ له.
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: الحارث كذّاب ولا أصل لهذا الحديث.
قلتُ (القائل ابن الجوزي): 
كنتُ قد سمعتُ هذا الحديث في زمن الصِّبا فاستعملتُه نحواً مِنْ ثلاثين سنة لحُسن ظني بالرواة، فلما علمتُ أنه موضوع تركتُه، فقال لي قائلٌ: أليس هو استعمال خير؟ 
قلت: استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعاً، فإذا علمنا أنه كذبٌ خرجَ عن المشروعية".

أقول:
وإذا قدَّرنا أنه سمع هذا الحديث وهو في الخامسة عشرة من عمره، واستعمله ثلاثين سنة ثم تركه، فيكون تركه سنة (555هـ)، ويكون تأليف هذا الكتاب (النور) في أثناء الاستعمال، أي قبل تلك السنة. 
والله أعلم.
وأنا جاد في ترتيب مؤلفات الشيخ على السنين قدر الإمكان.

د. عبد الحكيم الأنيس
مجموعة المخطوطات الإسلامية

الجمعة، 29 سبتمبر 2017

أجزاء من مصحف موقوف على خزانة السّلطان المريني النّاصر يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني قبل سنةٍ من قتله غدْرًا!

أجزاء من مصحف موقوف على خزانة السّلطان المريني النّاصر يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني قبل سنةٍ من قتله غدْرًا!
====================

في الصورة المرفقة قيد فراغ نسخ مصحف ملكيّ كتب بالخط المغربيّ الواضح واستُعمل في نسخه وزخرفته عدّة ألوان، وذُهِّب في الكثير من المواضع، والمصحف محفوظ بمكتبة الدولة بمدينة ميونخ الألمانية تحت رقم: cod.arab.3 وجاء في قيد الفراغ ما يلي:
"كمل المصحف المبارك بمن الله تعالى وعونه والصلاة على محمّد نبيّه ورسوله وعلى آله وصحبه وذلك في العشر الآخر من شهر رجب الفرد عام خمسة وسبع مئة برسم خزانة مولانا أمير المسلمين أبي يعقوب يوسف بن أمير المسلمين أبي يوسف بن عبد الحق خلّد الله بالعزّ أيامه ونصر بالفتح أعلامه"
وكان هذا قبل سنة واحدة من قتله وطعنه ببطنه من بعض غلمانه الخصيان كما جاء في المصادر التي نقل منها الزركلي في الترجمة الآتية، والملاحظ اهتمام الملوك والسلاطين بنسخ المصاحف والكتب على ما كانوا فيه من جهاد وحروب لا تكاد تنتهي، وقد قال بعض الملوك ما معناه حسبت الأيام التي صفت لي منذ أن توليت الحكم فوجدتها: ثلاثة أيّام!، والملاحظ كذلك أن المدة التي كتب بها هذا المصحف الشّريف كانت تختلجها وقائع وحروب كما يظهر من قول الناسخ: "ونصر بالفتح أعلامه"، وعلى كل نسأل الله تعالى أن يرحم هذا الملك، وأن يغفر له، وأن يعين حكام المسلمين على خدمة الإسلام والاعتزاز به، وفي ما يلي ترجمة الزركلي لهذا السلطان من كتابه الأعلام (8/258): 
"النَّاصِر المَرِيني
(638 - 706 هـ = 1240 - 1307 م)
يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني، السلطان الناصر لدين الله، أبو يعقوب: من ملوك الدولة المرينية في المغرب الأقصى. بويع له بعد وفاة أبيه (سنة 685 هـ بعهد منه، وكان في الجزيرة الخضراء، فرحل إلى فاس. وبعث إلى " ابن الأحمر " فاجتمع به في ظاهر " مربالة " ونزل له عن جميع ثغور الأندلس التي كانت في حوزة أبيه، محتفظا بالجزيرة ورندة وطريف، وافترقا على صفاء. وعاد إلى فاس، ففتك بعرب " معقل " لإفسادهم السابلة. ثم اجتاز البحر إلى الأندلس لصدّ عدوان الطاغية " شانجه " فكانت بينهما وقائع، له وعليه. وخسر معركة " بحر الزقاق " وربح معارك " حصن بجير " و " شريش " و " إشبيلية " وأدركه الشتاء، فعاد إلى المغرب (سنة 691) فعلم بأن " الطاغية " استمال إليه ابن الأحمر، وأن هذا جرأ الطاغية وأعانه على احتلال " طريف ". وثار عمر بن يحيى الوطاسي في حصن " تازوطا " فزحف الناصر إلى " تازوطا " فاحتل الحصن بعد حصار طويل. ووفدت عليه رسل من قبل ابن الأحمر بتجديد عهده والاعتذار عن حادث " طريف " فأكرمهم الناصر وقبل العذر. وعاد إلى فاس، فجاءه ابن الأحمر فقابله بطنجة، ونزل له الناصر عن الجزيرة ورندة وعشرين حصنا من ثغور الاندلس، وتعاهدا على الود والتعاون. وتوفي ابن الأَحْمَر (محمد بن يوسف) وخلفه ابنه (محمد بن محمد) فأحكم العهد مع " هرندة بن شانجه " من بني " الأذفونش " ملوك قشتالة. وانتقض على السلطان يوسف. وبينما السلطان مستلق على فراشه في قصره بالمنصورة، وهي مدينة من عمرانه، بإزاء تلمسان، وثب عليه خصيّ من مماليكه، فطعنه طعنات قطع بها أمعاءه، فلم يعش غير ساعات.
وحمل إلى رباط شالة فدفن به. قال السلاوي: " كان مهيبا جوادا مشفقا على الرعية متفقدا لأحوالها شجاعا شهما، وهو أول من هذب ملك بني مرين، وأكسبه رونق الحضارة وبهاء الملك، وكان غليظ الحجاب لا يكاد يوصل إليه إلا بعد الجهد " (1) .
__________
(1) الاستقصا 2: 32 - 43 وجذوة الاقتباس 344 والحلل الموشية 133 وفيه: " مات محاصرا لتلمسان ونقل إلى سلا وروضة النسرين 16 والأنيس المطرب القرطاس 275."
#من_كنوز_التراث
#فهرسة_المخطوطات