الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لمجموعة المخطوطات الإسلامية رابط متجدد

الأعداد الكاملة للنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) [رابط متجدد]

الأعداد الكاملة لـلنشرة الشهرية لـ (مجموعة المخطوطات الإسلامية) @almaktutat رابط متجدد https://mega.nz/#F!JugA2KDT!4nTvCdymnFy...

الخميس، 21 أكتوبر 2021

وجود الضرب بنسخة المؤلِّف وغيابه عن نسخة بخط تلميذه

وجود الضرب بنسخة المؤلِّف، وغيابه عن نسخة بخط تلميذه 

أبو شذا محمود النحال

 

تُعَدُّ مسألة الضرب على الخط في المخطوطات القديمة من المسائل المهمة التَّي تتعلَّق بعِلم ضبط النصوص، والتي يجب أن تنال حظًّا من اهتمام المحقِّق المدقِّق؛ ذلك أن السهو عنها قد يُدخِل في نص المؤلِّف ما لم يُرِدْهُ؛ من أمرٍ تراجَعَ عنه، أو سَهَا به القلم.

ويُحدَّد المضروب عليه في المخطوط إما بطمسه بالقلم .. أو بطرق أخرى مدونة في تصانيف الأئمة.

وقد وقع هذا الصنيع في غير ما تأليف من تصانيف الأئمة، وقد طالعتُ عليها غير ما كتابٍ؛ لمعرفة حُكْم قراءةِ المضروبِ عليه، وقد ذَكَرَ حُكمَها بَعْضُ العلماء في مبحث (الكَشْط والمَحْو والضَّرْب).

 

حكم قراءة المضروب عليه:

يقول البدرُ الزَّرْكَشِيُّ في «النُّكَت على معرفة الأنواع» (3/ 1182) أن الحافظ اليَغْمُوريَّ نقل عن بعض العلماء: «قراءةُ السطر المضروب خِيانةٌ».

وهو ظاهر ما رواه أبو بكر الحافظ فِي «الجامع لأخلاق الراوي» (1/ 278) من جهة عبدِ الله بن المُعْتَزِّ أنه قال: «من قرأ سطرًا قد ضُرِبَ عليه من كتابٍ فقد خانَ؛ لأن الخطَّ يخزُن -أي: يمنع أو يُخبئ أو يُخفي-عنه ما تحته».

ونَقْلُ الزركشي في «نُكَتِه على التَّقيِّ أبي عَمْرو» عن اليَغْمُوريِّ غاية في الأهمية، وأحسب أن السخاوي الشمس فِي «فتح المغيث» (3/ 76) ما اهتدى إليه إلا بوساطة الزركشي؛ على ما بَيَّنْتُه في (فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للسخاوي فوائد وروافد) بـ «السوانح».

وهذا النَّقلُ لا يُوجد في الطبعة الأولى بـ «النُّكَت على ابن الصلاح» للبدر، لكنه مُثْبَت في الطبعة الثانية، وكلاهما من منشورات (مكتبة أضواء السلف) برياض نجد.

ومن مناهج المُستشرقِينَ في ضبط النص: إثباتُ المضروب عليه، وفي محاضرة بعنوان (مدخل إلى تحقيق المخطوطات) للدكتور بشار عوَّاد الدقيقة (1.15) تقريبًا، سأل د. أحمد الدُّبيَّان د. بشارًا عن منهج البعض في قراءة المضروبِ عليه؟

فلم يذكر جوابًا ...

 

* فوائد النظر في المضروب عليه:

مع ما سبق من أن قراءة المضروب خيانة إلا أن الرجوع إلى المسوَّدة، والنظر في المضروب عليه فيه فوائد، منها:

- التنبيهُ على الأوهام التي عَدَلَ عنها المُصنِّفُ.

-معرفة بعض الآراء التي تراجَعَ عنها.

وقد وُجِدَ هذا في كلام حافظ وقته الزين العراقي، وتلميذه الشهاب ابن حجر الحافظ؛ حيث نبَّهَا على بعض تراجُعات الذهبي الشمس فِي «الميزان».

وهذا ابن حجر الشهاب في «ذيل التِّبيان...» في تراجم الحُفَّاظ قد التقط الكثير من التراجم التي ذكرها الذهبي في مسوَّدة «تذكرة الحُفَّاظِ»، وهذه التراجم لا نقف عليها في المطبوع من «التذكرة».

والنظر في صَنِيع الذهبي بحذف هذه التراجم مما يَحْسُنُ.

وهذا التَّقي الفاسي صنع ترجمة للعلامة مُغْلَطاي تُعَدُّ من أحفل التراجم التي وقفت عليها للعلاء الحنفي، وقد التقط فوائد كثيرة من مسوَّدة العراقي الزين بـ «الذيل على العِبَر»، وهذه الفوائد لا نقف عليها بالمطبوع، ولا أعلم سبب عدول الحافظ عبد الرحيم عنها.

وهذه الظاهرة واضحة بـ «تهذيب التهذيب» للشهاب ابن حجر الحافظ، لا سيما النُّسَخ الخطية التي اعتمد عليها علماء الدولة الآصفية في تحقيق الكتاب، فثَمَّ مئات المواضع التي وهم فيها الحافظ ابن حجر، وكان متابعًا فيها العلاء مغلطاي وغيره، لكن الحافظ بعد تجدُّد النظر والبحث ظهر له وجه الصواب، فضرب عليها، وكان قد مَكَّن تلامذته من انتساخ نسخةً غير محرَّرة، وصارت الرُّكْبان بهذه النُّسَخ.

وهذا السخاوي الشمس في بعض تصانيفه يحكي أشياء عن الشهاب الحافظ بـ «تهذيب التهذيب»، ثم يقول: «قد رجع عنه شيخنا، حيث رأيته ضَرَبَ عليه بخطه الذي لا أرتاب فيه».

وهذا «تَهْذيب المزي للكمال في أسماء الرجال لشيخ وقته عبد الغني المقدسي»، أخذ عليه العلاء مُغْلَطاي مآخِذ عديدة، لا سيما في النُّسخة التي كتبها ابن المهندس، فدافع عنه ابن حجر بأنه وجد المزِّي ضرب عليها في النسخة التي بخطه.

ففي «تهذيب الكمال» يقول المزي: «إسماعيلُ بن إبراهيم الكرابيسيُّ، روى عنه بكرُ بن أحمد بن مُقبِل الحافظ البصريُّ».

فتعقَّبه مغلطاي قائلًا: «فيه نظر؛ لأن ابنَ قانع وغيرَهُ ذكروا أن بَكْرًا هذا تُوفِّي سنة أربع وثلاثمِائَة، وإسماعيلُ حكى المِزِّيُّ وفاتَه سَنةَ أربع وتسعين ومِائَةٍ، فعلى هذا تبعدُ روايتُهُ عنهُ مُشافهةً».

فكَتَبَ الشهاب ابن حجر الحافظ حاشيةً بخطه على أصل مغلطاي بـ «إكمال تهذيب المزي»: «قد رجع المزي عن ذلك قديمًا، وضرب عليه في أصله، وبَيَّنَ أن رواية بكر عنه بواسطة».

ومما يحسن الإشارة إليه أن الأجزاء التي بخط المزي وتشتمل على هذه الترجمة لم تُعتمد في المطبوع، والوهم مثبت فيها.

 فثبت من هذا أن الضرب على الوهم رفع الحرج عن المؤلف، ولو لم يتنبَّه اللاحق للضرب لأثبت للمؤلف ما ليس من رأيه.