تراث
المجاهيل
معجم
ببليوغرافي مقترح لحصر تراث المؤلِّفين المجهولين
(
المفقود ـ المخطوط ـ المطبوع )
الجهالة
حين ترتبط بالتّراث تضفي عليه غموضا جذّابا يؤزّ التّراثيّين إلى كشفه أزّا، أملا
في اكتشاف عنوان نادر، أو مؤلِّف مبدع، والأقدمون قد وقعت لهم مخطوطات نفيسة نقلوا
منها فوائد قيّمة، مطمئنّين إلى صحّة ما فيها من معلومات، رغم تعذّر معرفة
مؤلّفيها، والأمثلة كثيرة يلمحها النّاظر خاصّة في كتب التّراجم والتّواريخ
وغيرهما، ومن أشهر ذلك كتاب الزّهرة الذي أكثر النّقل عنه مغلطاي في كتابه الممتع
إكمال تهذيب الكمال، واكتفي في تلك النّقول بقوله: (( قال صاحب الزّهرة ))، وهذا شيخ
الإسلام ابن تيمية ينقل فائدة تتعلّق بابن قتيبة من كتاب مجهول المؤلِّف فيقول: (( وابن قتيبة هو
من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق والمنتصرين لمذاهب السّنّة المشهورة، وله في ذلك
مصنّفات متعدّدة قال فيه صاحب
كتاب التّحديث بمناقب أهل الحديث: وهو أحد أعلام الأئمّة والعلماء
والفضلاء أجودهم تصنيفا، وأحسنه ترصيفا ))، والأمثلة في كتب الأعلام
كثيرة، والمقصود التّلميح إلى النّوع الأوّل من كتب المجاهيل وهي الكتب التي
يعتبرها المختصّون الآن في عداد ما فقد من تراث الأعلام، رغم وقوف عدد من العلماء
عليها قديما كما في مثال ابن تيمية ومغلطاي وغيرهما.
والنّوع
الثّاني ـ وهو كثير ـ: المخطوطات التي وصلتنا حاملة معها صفة الجهالة إمّا في
العنوان وإمّا في المؤلّف وإمّا في كليهما، ومجال البحث فيها متعة علميّة منقطعة
النّظير يعرفها العاشقون للتّراث.
والنّوع
الثّالث ـ وهو قليل ـ: المخطوطات المجهولة التي طبعت رغم جهالة عناوينها أو
مؤلّفيها، وإنّما حمل محقّقيها على نشرها ما لاحظوه من قيمة علميّة في محتوى هذه
المخطوطات، وقد أحسن صنعا أصحاب المعجم الشّامل للتّراث العربي المطبوع إذ ختموا
المجلّد الخامس منه 5/377 ـ 419 بذِكْر 114 أثرا مطبوعا مجهول المؤلِّف وعنونوا
لها بـ: (( كتب مجهولة
المؤلِّفين )).
من
هنا ندعو إلى معجم ببليوغرافي يحصر ـ بصورة جادّة ـ هذه الكتب المجاهيل مفقودة
كانت أو مخطوطة أو مطبوعة، وهي خطوة أولى تسهّل مستقبلا ـ بإذن الله ـ تكاثف جهود
الدّارسين التّراثيّين لكشف أسرار هذه المجهولات، وتسدّ ثغرات مهمّة في المكتبة
التّراثيّة.
د. جمال عزون
مجموعة المخطوطات الإسلامية
@almaktutat