حول جزأي «الاستسقاء» و«الكسوف» للطبراني
وسبقه الحافظ السمعاني، فقال -كما في المنتخب من معجم شيوخه (٣/ ١٣٠٣)-: «وكتاب «الدعاء»، مع «كتاب الاستسقاء» في آخره».
وهذا الجزء منفصلٌ في النسخة الخطية [٢٣٩أ - ٢٤٥ب] بعنوان: «الجزء العاشر من كتاب الدعاء، فيه أبواب الاستسقاء»، ثم جاء في أوله عنوان: «جامع أبواب الاستسقاء». وهو مثبت في المطبوع (٣/ ١٧٦٩ ــ ١٧٩٥).
ومن المحتمل جدًّا أن «أبواب الاستسقاء» هذه ليست من أصل كتاب «الدعاء»، وإنما هي جزءٌ مستقلٌّ أُلحق به إلحاقًا قديمًا.
ومن قرائن ذلك:
١- أن الطبراني عقد في أثناء كتاب «الدعاء» أبوابًا للاستسقاء (٢/ ١٢٤٧ ــ ١٢٥٤)، وهي -أيضًا- بعنوان «جامع أبواب الاستسقاء»، ولا معنى لتكرار التبويب في آخر الكتاب لو كان الكلُّ داخلًا فيه، كما أن من غير المعتاد وضعَ أبواب الصلوات المشروعة في أواخر الكتب المبوَّبة.
٢- أن أبواب الاستسقاء في أثناء كتاب «الدعاء» خاصةٌ تقريبًا بأدعية الاستسقاء وما يتعلق بها، وهذا متَّسق مع موضوع الكتاب، وأما الجزء في آخره، فساق الطبرانيُّ فيه صفة صلاة الاستسقاء إجمالًا: الخروج إليها، وإخراج المنبر فيها، ووقتها، وخطبتها، وتحويل الرداء، وركعاتها، وتكبيراتها، وقراءتها، وأحوالًا أخرى تتعلق بأدائها لا بدعائها، وإنْ بوَّب لدعائها بابًا في أثناء ذلك.
٣- أن أبواب الاستسقاء في أثناء الكتاب جاءت مختصرة منتقاة، نظرًا لكونها أبوابًا بين مئات الأبواب، وأما في الجزء آخر الكتاب، فجاءت مفصَّلة مستقصاة، كما تكون المصنَّفات المستقلَّة في موضوعاتها.
٤- أن إسناد الكتاب اختلف في الجزء الذي بآخره، فوقع للصيرفي إجازةً من أبي الحسين ابن فاذشاه عن الطبراني، بخلاف سائر كتاب «الدعاء» الذي وقع له سماعًا منه، ولذا جاء قبيل هذا الجزء: «آخر ما كان عند محمود الصيرفي من هذا الكتاب»، يعني بالسماع.
ورُوي الجزء عن راوٍ آخر هو غانم البرجي سماعًا من ابن فاذشاه عن الطبراني، والبرجي من رواة «الدعاء» أيضًا.
فيحتمل أن انتهاء سماع الصيرفي إنما كان لانتهاء كتاب «الدعاء»، ثم أجيز بما بقي ضمن ما أجيز به مما ليس منه.
هذا، وقد جاء في الكتاب -أيضًا- بعد جزء الاستسقاء: «جامع أبواب كسوف الشمس والقمر» (٣/ ١٧٩٦ ــ ١٨١٤). وهذا الجامع -كسابقه- ليس محضًا في الدعاء، بل فيه صفة صلاة الكسوف: ركعاتها، وسجداتها، والقراءة فيها، وصلاتها في وقت النهي، والصدقة والعتق، كما بوَّب الطبراني بابًا في الدعاء والتضرع فيها.
وعامة هذه الأبواب ليست -في الأصل- من موضوع كتاب «الدعاء»، ولم أر مثلها فيه.
عدد أحاديث جزء «الاستسقاء»: ٤٢ حديثًا.
وعدد أحاديث جزء «الكسوف»: ٤٠ حديثًا.
والله -تعالى- أعلم.
أ. محمد بن عبد الله السريّع
مجموعة المخطوطات الإسلامية