الحافظ الأَرْغِـيَانيّ
خطٌّ دقيقٌ ، وقلبٌ رقيقٌ
ذكر ابن السّمعاني في الأنساب
1/169 (الأَرْغِياني) الحافظ الزّاهد الجوّال أبا عبد الله محمّد بن المسيّب بن
إسحاق النّيسابوري الأرغياني المتوفّى عام 315هـ، ونقل عن أبي عليٍّ الحافظ قوله: ((
كان محمّد بن المسيّب الأرغياني يمشى بمصر
وفي كمِّه مائة ألف حديث، فقيل لأبى علىٍّ: فكيف كان يمكن هذا؟ قال: كانت أجزاؤه صغارا
بخطٍّ دقيق في كلّ جزء ألف حديث معدودة، وكان يحمل معه مائة جزء، فصار هذا كالمشهور
من شأنه، وكان إذا قرأ الحديث وقال: قال رسول الله r
بكى حتّى نرحمه، وعمى من كثرة البكاء )).
فخطّ الأرغياني ـ رحمة الله عليه
ـ كان دقيقا للغاية سهّل له ذلك أن يجمع عددا وفيرا من الأجزاء الحديثيّة المخطوطة،
حتّى إنّ كمّه ليسع 100 جزء، يحملها معه إلى مجالس التّسميع والسّماع، لكنّ
اللاّفت في الأمر مع هذا الحافظ الحامل لهذه الأجزاء المخطوطة رقّة قلبه، وشدّة
حبّه للنّبيّ r،
وبلغ به الأمر إذا ذكر اسم الرّسول r
سالت دموعه شوقا وحبّا، حتّى إنّ الحاضرين ليتأثّرون ويرحمونه لشدّة ما عاينوه من
بكائه عند ذكر اسم الرّسول r.
ما أكثر مخطوطات الحديث وأجزائه التي
تمرّ بنا، حتّى إنّ كُمَّ (( قْرُوبْ ))
هذه المجموعة المباركة ليسع أضعاف ما وسعه كمّ الحافظ الأرغياني، فهل سالت لنا
دموعٌ من أعماق القلوب عند رؤيتنا بأعيننا اسم خير خلق الله على مخطوط، أو سماعنا بآذاننا
لاسمه حين يقرأ هذا المخطوط؟
إنّ (( التّراثييّن )) محظوظون
بهذا الكمِّ الكبير من كتب الحديث وأجزائه المخطوطة، واقتناؤها ونسخها والفرح
بالعثور على نوادرها شيء جميل للغاية، وأجمل منه أن تكون قلوبُ هؤلاء التّراثيّين
رقيقةً رقّة قلب الحافظ الأرغياني اللهمّ ارحمنا فإنّنا مقصِّرون
د. جمال عزون
مجموعة المخطوطات الإسلامية
الحساب الموحد للمجموعة على مواقع التواصل:
almaktutat
