من خزانة فضيلة الشَّيخ الدكتور:
نجم عبد الرحمن خلف
-حفظه الله تعالى-
ومن عجيب ما مر معي مما تملكته من المخطوطات فإني تملكت قبل خمس عشرة سنة بفضل الله وكرمه كتابا نادرا في اللغة ومعانيها وهو كتاب (فعلت وأفعلت) للإمام أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي المتوفى 321 هجرية وهو كتاب نادر ومفقود فيما أعلم، نسخةٌ مبكرةٌ كتبت سنة 416 هجرية بالخط الكوفي اللَّين في مجلد لطيف مبتور الأول وفي أخرها أوراق فارغة فتملكها الحافظ ابن الجوزي وكانت في خزانته وهو شاب فألَّف رسالة جميلة في الأوراق الفارغة في آخر هذا المجلد وانتهى منها سنة 533 هجرية أي قبل وفاته بأربع وستين سنة، ألفها في فضائل شهر رجب وكتبها بخطه النسخي الجميل وخطه دقيق ومتشابك. وهذا من عجائب صنائع المؤلفين. وهذا الكتاب لبنة في جمع ما تناثر من خزانة الإمام ابن الجوزي بعد أن آلت مكتبته لولده قاضي القضاة الذي قتل صبرا مع أولاده وهو في وفد الخليفة المستعصم بالله العباسي على يد التتار بخيانة ابن العلقمي. فهذا الكتاب بعض ما نجا من هذه المكتبة البغدادية الإسلامية النفيسة ولولا رسالته بخطه في آخرها لما عرفنا هذه التفاصيل.وقد كان أبو الفرج مجتهدا في استثمار وقته وطاقاته لا يضيع وقته في غير فائدة وقد كنت تعلقت به وأنا في المرحلة المتوسطة وعمري خمس عشرة سنة وكانت في بغداد عند من أعرفهم من طلبة العلم نسخة واحدة من كتاب اللطائف الذي نحا نحوه ابن قيم الجوزية في كتابه الفوائد أذكر أنَّا كُنَّا نتداوله بيننا وقد انتظرت دوري ستة أشهر حتى استلمته لأقرأه ولا توجد أجهزة تصوير وقتذاك سنة 1970م فكتبته بيدي هو وكتاب الطب الروحاني وكان كلاهما في مجلد واحد وأنا أحتفظ بهذه النسخة التي نسختها بيدي رغم أني سنة 1974 لما سافرت للدراسة في جامعة الأزهر الشريف تملكت منه نسخا.
المهم تواصلت مع ابن الجوزي في بغداد أيام الثانوية الشرعية -مخطوطات ومطبوعات- حتى رأيته في المنام سنة 1972م وهو يكتب من غير توقف وقد ملأ المكان وكان فسيحا بكتاباته تحيط به من كل مكان بشكل عجيب وبأكداس مرتفعة يصل بعضها للسقف فدعاني وكتب لي وناولني ولا أدري ما كتب لي.
رحمه الله رحمة واسعة فقد نفع بقلمه ولسانه وتميز بخدمة الإسلام تأليفا وتعليما وخطابة ووعظا وسلوكا وسمتا.
د. نجم عبد الرحمن خلف
8 شهر الله المحرم 1437
مجموعة المخطوطات الإسلامية