همهمة العراقيين وبسبستهم !
يُكثر العراقيون من تداول ألفاظ في مُبتدأ كلامهم وختامه.
فمن ذلك: قولهم: أنت هَمْ فعلت كذا، وأنا فعلتُه هَمْ؛ بمعنى (أيضاً).
وقولهم: بَسْ؛ بمعنى حسْبُ.
وهذا استعمال قديم عرفه هذا الإقليم منذ دهور.
وقد نقلتْ لنا كتب اللغة والأدب جانباً من ذلك، فمما ورد فيها:
قول الأخفش لتلامذته: جنّبوني أن تقولوا: (بس)، وأن تقولوا: (هَمْ)، وأن تقولوا: ليس لفلان (بخت). [البصائر والذخائر: 3/282، ونزهة الألبّاء: 109 مختصراً، ونثر الدر: 7/82، ودُرّة الغوّاص: 223].
وقد قال قائلهم قديماً:
أبو العباس قد حَجّ ::: وقد عاد وقد غَنّى
وقد علّق عنّازاً :::: فهذا (هَمْ) كما كنّا
قال أبو حيان التوحيدي: وأصحابنا يستملحون قوله (هم) هاهنا، ويرونه من العيّ الفصيح. [الإمتاع والمؤانسة: 2/174].
وذهب اللغويون إلى اعتباره من الأغلاط والأوهام، كالحريري في «درّة الغوّاص»، والصَّفَدي في «تصحيح التصحيف» 532.
قال الموفق عبد اللطيف البغدادي: قول العامة: (هَم) فعلت مكان (أيضاً)، و(بس) مكان (حَسْب)، وله (بخت) مكان (حظ)؛ كلُّه مولَّد ليس من كلام العرب.
قلت: ومن طرائف المنقول في البسبسة: ما رواه الخطيب أنّ رجلاً ـ سأل عَفّانَ بن مسلم [محدّث العراق 220هـ] عن حديث، فحدَّثه فقالَ: زِدني في السَّماع فإنّ في سمعي ثقلاً، فقال له عَفّان: «الثقل في كلِّ شيءٍ منك، ليس هو في سَمعك بس!». [الجامع للخطيب: 1/196].
د. رياض الطائي
مجموعة المخطوطات الإسلامية