أهمية الخزائن الخاصة في تأخر السطو على المخطوطات
رغم كون السطو على تراث القاهرة كان مبكرا ففي سنة 923 هج أخذ ابن عثمان الكتب النفيسة التي في المدرسة المحمودية والمؤيدية والصرغتمشية، وغير ذلك من المدارس التي فيها الكتب النفيسة، فحملت على ألف جمل ونقلت إلى الآستانة..
إلا أن القاهرة حتى قبيل سنة 1100 هج كانت ما زالت تذخر بنفائس الكتب وعجائب الذخائر ما لا يدخل تحت الحصر ولا يضبط بالاحصاء
وقد ساعد على ذلك وجود الكثير من هواة جمع نفائس الكتب التي كانت تزدان بها خزائنهم الخاصة
ثم بعد ذلك تلاشت هذه النفائس وتفرقت شذر مذر في شتى الأنحاء
وكان للمغرب حظ وافر من هذه الأعلاق النفيسة سيما مكتبة الأمير زيدان التي سطا عليها القراصنة الاسبان وحدثت أزمة سياسية كبيرة بين المغرب واسبانيا في سبيل استردار هذه المكتبة واعطي للمغرب نسخة ديجيتال منها!
وقد جردت مكتبة الاسكوريال غير ما مرة ووقفت فيها على الكثير من التراث الذي كانت تذخر به القاهرة
كمجلد من التذكرة الحديثية بخط مؤلفه الحافظ ابن حجر، وسبق ووقفت على مجلد آخر من مجلدات هذه التذكرة
ومجلد من هدي الساري عليه إجازة بخط مؤلفه الحافظ ابن حجر
وغير ما مخطوط عليه تملك أبي الفضل ابن حجر العسقلاني.
والخطب بخط مؤلفه ابن نباتة المصري
ومنسوخات بخط البدر البشتكي
ونسخ خزائنية عليها تملك ابن إينال.
وتكملة الحافظ العراقي لشرح ابن سيد الناس على جامع الترمذي قرئ على مؤلفه بالقلة وعليه خطه.
ومختصر التابعين من ثقات ابن حبان بخط مؤلفه الحافظ الذهبي وغالب كتبه كانت من أوقاف المدرسة المحمودية بالقاهرة.
ونسخة الامالي للقزويني التي عليها تملك العراقي وابن الملقن والقاضي زكريا الأنصاري
وعليها قيد قراءة بالقليوبية وهي المحافظة التي نشئت بها!
وغير ذلك من النسخ التي كانت في القاهرة كمجلد من إرشاد الساري للقسطلاني مقابل على أصل المؤلف
والكثير مما لا يحضرني ذكره حالة كتابة هذه السطور!
وقد أرخ الجبرتي في مقدمة كتابه عجائب الآثار للمأساة التي حلت بتراث القاهرة بكلمات ينفطر لها القلب إثر حديثه عن الكتب المؤلفة في التاريخ والتي منها تاريخ البدر العيني الذي يقع في ستين مجلد وأنه وقف على أجزاء منه بخط مؤلفه
ونسخة التاريخ التي كانت بخط العيني وجدت في وقفية الابشادي المالكي الذي أوقف كتبه على رواق الريافة بالجامع الأزهر التنصيص على عدة مجلدات بخط مؤلفه البدر العيني
وقد تتبعت هذه النسخة ووقفت على أكثر من خمسة عشر مجلدا منها بخط العيني غالبها يحتفظ بها متحف أحمد الثالث باسطنبول!
أقول أرخ الجبرتي في نهاية مقدمة العجائب بما نصه :
وهذه صارت أسماء من غير مسميات، فإنا لم نر من ذلك كله إلا بعض أجزاء مدشتة، بقيت في بعض خزائن كتب الأوقاف بالمدارس، مما تداولته أيدي الصحافيين، وباعها القومة، والمباشرون، ونقلت إلى بلاد المغرب والسودان، ثم ذهبت بقايا البقايا في الفتن والحروب، وأخذ الفرنسيس ما وجدوه إلى بلادهم. انتهى
وأثناء البحث عن تملكات بعض هواة جمع الكتب وقفت على تملكات عديدة مقيدة عندي
للعلامة الشهاوي المصري وقد اثارت شجوني لأن بعضها مؤرخ بتواريخ متأخرة عن تاريخ النكبة التي احلت بتراث القاهرة _لكن غالبها تحتفظ به مكتبات تركيا _
حيث وجدت تاريخ تملك له على نسخة من أحكام القرآن للجصاص مؤرخ بسنة 1088هج
وهو العلامة يحيى بن أبى السعود بن يحيى الشهاوي المصري الحنفي الفقيه المفيد. وكان من أكابر علماء الحنفية فى زمانه خصوصًا فى معرفة الكتب وسعة الاطلاع.
وكانت تعرض عليه كتب منخرمة الأوائل لا يعرفها أحد من أقرانه فبمجرد وقوفه عليها يعرفها بسرعة من غير تردد ولا نظر
وكان فاضلا صالحا متواضعا عفيفا شريف النفس والطبع مجللا عند خاصة الناس وعامتهم قليل التردد الى أحد إلا فى مهمة. فيما قاله المحبي في الخلاصة.
ومما راق لي من تملكات هذا العلامة نسخة من لسان العرب لابن منظور بخط أبي الفضل الأعرج رئيس الكتاب بمصر
وهو محمد الشيخ الصالح الدين، أستاذ الكتاب ورأسهم ورئيسهم ومرجعهم أبو الفضل الأعرج القاهري الشافعي، أحد أعيان الكتاب والكتبة من بالقاهرة، وكان قد جمع من المصاحف المعتمدة، رسماً وكتابةً وتحريراً، ومن تحف الأدبيات والنفائس، ومن آلات الكتابة شيئاً كثيراً، غالبها من كسبه في الكتب وكتابة يده. فيما قاله صاحب الكواكب.
وبالله المستعان
أ. أبو شذا محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية