إبراز بعض الجوانب الهامة في نسخة الاسكوريال (1455) من أمالي أبي القاسم الرافعي (ت623هـ).
وهي مفيدة جدًّا لم أر أحدًا مشى على مِنْوالها، فإنه أملاها في ثلاثين مجلسًا، ذكر في أول كل مجلس منها حديثًا بإسناده، على طريقة أهل الفن، ثم تكلم عليه بما يتعلق بإسناده، وحال رواته، وغريبه، وعربيته، وفقهه، ودقائقه، ثم يختمه بفوائد، وأشعار، وحكايات، ورتبها ترتيبًا بديعًا على نظم كلمات الفاتحة، بإرداف كلمة «آمين» لأنها بها ثلاثون كلمة، فاشتمل الحديث الأول على كلمة «الاسم»، والثاني على اسم الله العظيم، والثالث على «الرحمن»، وهلم جرًا إلى آخرها.
وهذا ترتيب بديع، وسماها: «الأمالي الشارحة لمفردات الفاتحة» ، ومن نظر في الكتاب المذكور عرف قدر هذا الإمام، وحكم له بتقدمه في هذا العلم خصوصًا. فيما قاله ابن الملقن في (البدر المنير 1/ 288).
كان الفراغ من إتمام هذه النسخة يوم العيد غرة شوال سنة تسع وستين وستمائة، على يدي العلامة قاضي القضاة عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم القزويني.
وقد نقل هذه النسخة من نسختين سقيمتين فيهما من الترك والتصحيف ما شاء الله، والذي قدر عليه أصلح، والذي ما قدر على تصحيحه ترك على ما كان …
وقد اجتمع على تملكها ومطالعتها والاستفادة منها والتطرير عليها جمع عجيب من هواة الكتب منهم: زين الدين عبد الرحيم العراقي. والنسخة تزدان بالطرر التي بخطه.
قال تلميذه ابن حجر: وكان كثير الكتب والأجزاء لم أر عند أحد بالقاهرة أكثر من كتبه وأجزائه، ويقال إن ابن الملقن كان أكثر كتبا منه، وابن المحب كان أكثر أجزاءا منه. الضوء اللامع 4/ 176.
ومنهم: عُمر بن علي بن أحمد الأنصاري، المعروف بابن الملقن.
وكان يقتني الكتب، يُقال أنه حضر في الطاعون العام بيع كتب شخص من المحدثين فكان وصيه لا يبيع إلا بالنقد الحاضر، قال: فتوجهت إلى منزلي فأخذت كيسًا من الدراهم ودخلت الحلقة فصببته فصرت لا أزيد في الكتاب شيئًا إلا قال: بع له. فكان فيما اشتريت مسند الإمام أحمد بثلاثين درهمًا.
وكان عنده من الكتب ما لا يدخل تحت الحصر؛ منها ما هو ملكه، ومنها ما هو من أوقاف المدارس لا سيما الفاضلية، ثم إنها احترقت مع أكثر مسوداته في أواخر عمره ففقد أكثرها، وتغير حاله بعدها فحجبه ولده نور الدين إلى أن مات في سادس عشري ربيع الأول وقد جاوز الثمانين بسنة. (إنباء الغمر 2/ 217-219).
ومنهم: زكريا بن محمد الأنصاري الملقب بشيخ الإسلام. عاش عزيزًا مكرمًا محظوظًا في جميع أموره دينًا ودنيا بحيث قِيل: إنه حصل له من الجهات والتداريس والمرتبات والأملاك قبل دخوله في منصب القضاء كل يوم نحو ثلاثة آلاف درهم، وجمع من الأموال، والكتب النفيسة ما لم يتفق لمثله. فيما نقله صاحب (الكواكب 1/ 201).
ومنهم: محمد بن عثمان بن أبي الوفاء العزازي بدر الدين الدمشقي. كان حسن الخط، وكان يلازم سوق الكتب فيشتري منها النفائس. (الدرر الكامنة 5/ 296).
ويوجد مطالعات وتمليكات أخرى على النسخة أذكرها لبيان تسلسلها:
مطالعة وانتقاءً منه سليمان بن جعفر…
في نوبة محمد الشافعي في دمشق. وقد طالعه، وانتقى منه
… داعيًا لمالكه بالسعادة في الدارين … عبد الله الزركشي الشافعي لطف الله به.
نظر واستفاد منه داعيًا لمالكه محمد بن محمد بن عبد الله الزركشي الشافعي.
ثم في نوبة محمد بن أبي بكر الشافعي. ختم الله له بخير بمنه وكرمه.
ثم في نوبة إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الشافعي. ختم الله له بخير بمنه وكرمه.
ثم صار لمحمد بن عبد الله بن هشام غفر الله ذنوبه.
ثم صار لعبد الله زيدان أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين.
الحمد لله ملكه من فضل الله تعالى محمد بن يحيى الشهاوي الحنفي سامحه الله…
أ. محمود النحال
مجموعة المخطوطات الإسلامية