قصيدة في وداع شهر رمضان
اعتنى بإخراجها:
ضياء الدين جعرير
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه قصيدة في وداع شهر رمضان، وقفت عليها بمجموع محفوظ بمكتبة آيا صوفية برقم: 867، ولم يتيسّر لي معرفة ناظمها، وقد اعتنى بالكتابة في (وداع شهر رمضان) أكثر من واحد من أهل العلم، فلابن الجوزيّ رحمه الله رسالة لطيفة في (وداع رمضان) حققّها الدكتور عبد الحكيم الأنيس حفظه الله، وله رحمه الله كذلك مقامة في وداع رمضان اعتنى بتحقيقها الدكتور عبد الحكيم وهي مستلة من كتابه رحمه الله في المقامات، وكل من الكتاب والمقامة منشوران في صفحة الدكتور عبد الحكيم على موقع الألوكة، وكذلك جعل الحافظ ابن رجب الحنبلي مجلسا في وداع رمضان من كتابه الجليل: (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف)، نقل فيه نفائس الآثار عن السّلف الصّالح في هذا الباب، ومما جاء فيه:
ترحل [الشهر](1) والهفاه وانصرما
واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسرا
مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما
تراه يحصد إلا الهم والندما
صورة المخطوط:
نص القصيدة:
ليالي النّور ولّت في انصرام
فوا حزني على شهر الصّيام
أيا رمضان قد أحرقت قلبي
وقد أجريت أجفاني سجام
فنوحوا معشر الصّوّام وابكوا
لتوديع المسافر بالسّلام
فما كل الشّهور سوى نجوم
وشهر الصّوم كالبدر التّمام
وواسطة العقود لها افتخار
وشهر الصّوم واسطة النّظام
ففي أيّامه خير كثير
لهجران اللّذيذ من الطّعام
وفيه ليلة جلّت بقدر
وتنزيل الملائكة الكرام
فيا لك ليلة من ألف شهر
علت ومحلّها بالقدر سام
ويعتق مالك الأملاك فيها
من النّيران أهل الإجترام
ومن إحسان خلّاق البرايا
تبشّرنا بها في كلّ عام
وفيها يغفر الله الخطايا
ويمحو للذّنوب مع الأثام
وفيها أنزل القرآن حقًّا
على قلب ابن زمزم والمقام
فيا طوبى لعبد قام فيه
بحقّ الله في نيل المرام
فذاك حظى(2) بأجر مع ثواب
وإحسان على نعم جسام
فيا لله أيّام تقضّت
به كانت كحلم في منام
ألا يا راحلا أجرى دموعي
أَهَلَّكَ رجعة تشفي سقامي
لقد أحييت شخص الخير حتّى
كأنّ الله أحيا للعظام
أيا مجري المدامع من عيوني
ومشعل مهجتي بالإضطرام
ألا يا عاذلي دعني فإنّي
معنّى مستهام القلب ضام
ومن ألمي وحزني واشتياقي
أكرّر في النّواح مع الحمام
لحا الله الفراق لقد رماني
بسهم ليس يشبه للسّهام
فهل لك رجعة يا خير شهر
تبلّ بها اشتياقي مع غرامي
جزاك الله عنّا كُلّ خير
وجادت في رباك يد الغمام
وصلّى الله مالك كلّ شيءٍ
على خير الورى زين الأنام
رسول الله مصباح البرايا
به عرف الحلال من الحرام
فمن صلّى عليه كلّ حين
ينال الفوز في دار السّلام
عليه من المهيمن كُلّ وقت
سلامٌ في سلامٍ في سلام
-----------
(1) في المطبوع: شهر الصوم، وهو منكسر، والصواب ما أثبته وهو في نسخة آيا صوفية من الكتاب برقم: 4235.
(2) في الأصل: حضى.